قمة الدوحة .. والأجندة الشائكة
أ.د.فيصل الرفوع
30-03-2009 03:24 AM
تلتئم القيادات العربية اليوم الاثنين 31 من اذار 2009 في القمة العربية العادية ال 21، في العاصمة القطرية الدوحة. وستكون هذه القمة مختلفة عن غيرها وذلك بالضرورة، سواء من حيث التوقيت ام من حيث الوضع العربي ام من حيث المواضيع التي ستطرح على جدول اعمالها، ام من حيث الاوضاع العربية والاقليمية والدولية، أم من حيث مبادرة السلام العربية التي طرحتها قمة بيروت عام 2002، والتي لم تقدر اسرائيل أهميتها ولم تحترم حتى المداد الذي كتبت به، ام من حيث المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، أم المصالحة العربية- العربية وبمواصفات جديدة.
ان ما ينتظر القمة كبير وضخم، والمطلوب جماهيريا لم يعد الاكتفاء بالحد الأدنى الذي لم ينتج شيئا ولم يؤد بالتالي الى الأفضل، فلا اسرائيل رضيت بما عرضته عليها القمم السابقة خاصة مبادرة السلام العربية، ولم تقبل ما قدمه الفلسطينيون ولا القوى العظمى والكبرى التي تقف من خلفها احست بالوجود العربي او حسبت له حسابا. وأصبحت الامة تتحسر على الحاضر خوفا من ترديات المستقبل، وبدأت تحاول ان تتشبث بالممكن وتحاول ان تقنع نفسها على انه الأفضل والأسلم. ودماء الغزيين ما زال فيها دفيء الشهادة، والجدار لا يزال يتلوى فوق اشلاء الجسد الفلسطيني ويمر من الارض العربية، ويرتفع حتى ان بعض العيون لا تستطيع ان تدرك ابعاده، والامة العربية تبتعد عنه كما تتحاشى ان تتحدث عنه. والرئيس عمر حسن البشير ما زال رأسه مطلوبا للوقوف أمام القضاة الخمسة عشر الذين يعتلون منصة الشرف القانوني- غير العادل- في لاهاي. والعراق ما زال وضعه الأمني نهبا لفوهات البنادق والانفجارات العمياء التي تودي بالابرياء وتقصف اعمار الاطفال والشيوخ والنساء، والضبابية تحيط به من كل جانب، والكل يدرك أن مهمة الديمقراطية الغربية لم تنته بعد في ارض الرافدين، لأن المطلوب هو الإتيان على كل ما بقي من ال NA في خلايا ارضه وشعبه وتاريخه وحضارته من أجل سلخه عن جسد امته العربية المريض.
ان المطلوب من القمة ان تقول كلمتها، وهنا يجب ان لا تستغل المنابر لتبرير المواقف ولكن يجب ان تقال كلمة الحق وان تعلن الدول العربية وبكل وضوح وشفافية ماذا فعلت وماذا عليها ان تفعل وماذا يمكنها ان تفعل. والمطلوب من القمة العربية ايضا ان تقول كلمتها بكل وضوح وبكل صدق وشفافية، وان تضع استراتيجية عملية وآلية صحيحة تقود الى مصالحة عربية- عربية تخرج الأمة من متاهات الظلمات التي تحيق بنظامها الإقليمي، ودون ان يكون ذلك في حسابات الربح والخسارة، ولكن في حسابات الالتزام بالعمل القومي الشريف وواجب العروبة والانتماء والولاء للمبادىء، وعلى هذه القمة ان تؤدي واجبها تجاه المصالحة الفلسطينية.
والسودان يمر بمرحلة مصيرية ولدت ازمة لا تزال تعصف بوحدته وسيادته، فتتركه رهنا للتمزق والاحتراب والقتال بصورة هددت وجوده وكيانه ومكتسباته، وفتحت الابواب واسعة أمام التدخلات الاجنبية التي لا ترى في هذه الازمة الا مصدرا آخر من مصادر اكتساب النفوذ وتمرير السياسات وتحقيق المصالح الذاتية.
ان المطلوب من القادة ان يجتمعوا على كلمة سواء. وان يكونوا هم اصحاب القرار والتأثير في الاجتهادات والحلول والمقترحات، وان يحس العرب في شتى أقطارهم انهم أبناء أمة حية، تحمل همهم وتسعى لتجنيبهم مهاوي الانقسام والانشطار.
وهناك الكثير من القضايا التي تنتظر القمة سواء ما تعلق بالتدخل الإيراني في الشأن العربي، خاصة الإدعاء بشأن مملكة البحرين، او بجزر الامارات الإمارات العربية المتحدة او بما تمر به الصومال من تقاتل داخلي يهدد الأمن القومي في الوطن العربي كله.
ان ما هو مطلوب من القمة ان تضع الانسان العربي في مركز فاعل في هذا التدافع الخطر الذي يعيشه العالم والذي اصبح فيه العرب يحتلون مواقع اقل ما يقال عنها انها هامشية حتى في القضايا التي يكونون فيها هم انفسهم اطرافا اساسية.
وعلى قادة الامة، ان يستجلوا الهم العربي، وان يواجهوا الواقع وان يعيدوا قراءة التاريخ: ماضيه وحاضره ومستقبله دون نبش للقبور الطاهرة، وان يعلموا ان لا مكان تحت الشمس لمن لا يملك القوة، ولا وجود لمن لا يحسن الدفاع عن ذاته، وان شريعة الغاب قد اخذت تثبت ذاتها وغدت هي المبدأ وهي المعتقد وهي الاسلوب. ولذا فقد اصبح من واجب الشعوب التي تريد ان تبقى تتنفس الهواء، ان تنهض من حفر الواقع وان تتسلق جبال الكفاح وان ادمت الاشواك اقدامها.
alrfouh@hotmail.com