قمة الدوحة : الأجندة والتوقعات ؟!
29-03-2009 11:58 PM
[ مستوى سقف التوقعات والعالي وفق إجماع المراقبين ، لهذه القمة الأهم بأجندتها الأهم ، وهو ما يمكن أن نرى إليه فلترة موضوعية أكثر منها رومانسية ، لحالة من ارتياح عام تستند إلى شعور جمعي بإشاعة روح من التفاؤل ، يقوم المحللون تباعاً بقياس نسبها ورصدها في الشارع العربي ، ولعل مرد ذلك كله هو الشوق العارم للمواطن العربي في أصقاع المعمورة كافة ، للخروج من عتم المرحلة الذي أرخى سدوله ليلاً ثقيلا محسوباً ، يراكم ما كان في الماضي على ما في الحاضر من تقادير دراماتيكية في غير قُطْرٍ عربي ، ما نموذجه الأخير و الأكثر تراجيدية هو الحصار الموتيّ الذي نال من غزة والغزيين ..
تستند تكؤة حالة التفاؤل هذه إلى غير رافعة سياسية ، وتتوزع نقوش وقعها بتلاوينه الدالة على أكثر من مشهد قومي ، ففضلاً أولاً عن اكتمال النصاب تبرز ثانياً درجة تمثيل القادة العرب في القمة هذه ، ما يؤكد بعد حسن النية على توفر المصداقية والأهم الإحساس العالي بالمسؤولية القومية ، فالمشاركة حتى مساء الأحد جاءت على مستوى قادة ما يسمى بدول الطوق والشمال الإفريقي ، فبحضور أقطاب الرحى : جلالة الملك عبدالله الثاني ، خادم الحرمين الشريفين ، الرئيس الأسد ، ومندوب الرئيس مبارك ، ثم الرؤساء القذافي ، الرئيس البشير ، الشيخ خليفة ، الرئيس عباس ، أمين عام الجامعة العربية ، وأمين عام الأمم المتحدة ، بالإضافة إلى سمو رئيس القمة أمير قطر طبعاً ، يصبح مستوى سقف التوقعات مرتفعاً وكذلك درجة التفاؤل كما أنفت ..
من هنا .. ما ينبغي لأي مراقب أن يقفز عن الخلاصات الإيجابية أعلاه ، كما نقرأ على بعض الفضائيات ، وهي بالمناسبة معدودة .. على كل حال ، من تحليلات حولاء وتخريجات شوهاء أيضاً ، إذ أن مستوى القمة والذي تفرضه ، كما سبق وألمحت ، الأجندة الهامة للقمة ببنودها العفية الأهم ، يَجُبُّ أي تشاؤم مصنوع لا يبرره منطق سياسي ولا يُقره نص فكري أو حتى حكم أيديولوجي ، ينسحب هذا الحكم على أي تحليل سلبي هو بالضرورة يفتقر إلى قراءة معمقة في أوراق المرحلة ، ما يقوم على إنتاج خلاصة تؤكد على وجوب إنعقاد القمة ونجاحها الإيجابي في نهاية المطاف ..
بين آذاريِّ قمة دمشق 2008 وقمة الدوحة 2009 ، وقد فرغ وزراء الخارجية العرب من تدبيج البيان الختامي للقمة الحالية ، دخلت المنطقة قسرياً غير مخاض وفُرضت بعض نقوش سياسية ، إن على مشهدية الكلمة السواء للقادة العرب أو على خريطة الأمن العربي تبعاً طبيعياً لذلك ، وجاء مؤتمر الدوحة الذي أنقذ فشله بعدم اكتمال النصاب مؤتمر شرم الشيخ ثم قمة الكويت الاقتصادية ، ونحن نشير هنا إلى أحد البنود الهامة على أجندة القمة الحالية ، ونعني حصار غزة والذي عاد طازجاً ، بطلب سوريا إدراجه كبند رئيس على أجندات هذه القمة ..
إجماع الزعماء العرب والذي يتحدث عن نفسه في البيان الختامي للقمة ، على الوقوف إلى جانب السودان و دعم الرئيس البشير ، بإزاء مذكرة الاعتقال التي صدرت بحقه من لدن محكمة الجنايات الدولية ، ينزل هو أيضاً وبقوة في باب إنجاح هذه القمة ، يرسخ ذلك حضور البشير القمة بنفسه وحفاوة القادة به أيضاً ، وهو ما نأمل جميعاً كعرب أن يستوي بيان دعمه قراراً قومياً صادقاً صارماً يوجه إلى المحكمة وإلى مجلس الأمن بالتالي ، إذ أن البون شاسع بين (بيان) دبلوماسي (ضعيف) وبين (قرار) عربي (عريق) ، سيفرض لا جدال قوته على المحكمة و المجلس والأمم المتحدة بالتالي ، وهو ما تصبو إلى تحقيقه الهامات قبل الأفئدة ، فبدالته ومدلوله العظيمين سيعود إلى المواطن العربي شيئاً من هيبته التي كانت ، وبعضاً من ثقته بتاريخه ووجوده واستقلاليته على التراب العربي المقدس ...!]
Abudalhoum_m@yahoo.com