facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




خلط الأوراق في قانون المسؤولية (المساءلة) الطبية


الدكتور وليد المعاني
22-03-2018 08:30 AM

في بداية الأمر يجب التنويه إلى أن تسمية القانون بـ"قانون المسؤولية الطبية والصحية" هو أمر خاطئ وبعيد كل البعد عن الهدف المرجو. ولبيان ذلك يجب الحديث في اللغة أساسا.

تعرف القواميس اللغوية ويفهم الناس من تعبير المسؤولية أنها إيكال مهمة لشخص أو جهة لتنفيذها والقيام بها بحيث تناط به أو بها أعباء القيام بها على الوجه الذي يحقق الأهداف المرجوة من المهمة.

فمن المسؤوليات قيام رب العائلة برعاية شؤون منزله وأولاده، وقيام مدير الشركة بإدارة شركته، وقيام الطبيب بعلاج مرضاه. وتحدد القوانين النافذة أو العرف أو الأديان في بعض الحالات هذه المسؤوليات ومداها.

قد يتبع ذلك، وفي وقت ما، أن يجيء شخص أو اشخاص أو جهة ليروا إن كان ذلك الشخص الموكلة المهمة إليه قد قام بها على الوجه الأكمل حسب قدرته أو مؤهلاته. فقد ترى تلك الجهة أن فلانا قد أحسن تنفيذ المهمة، أو ترى أنه لم يقم بذلك فتقوم بمساءلته، وقد تجده مخطئا أو مقصرا أو مهملا.
تنص القوانين النافذة أنه لايجوز مساءلة القاصر أو المجنون الذى لا يدرك كنه أفعاله، وبالتالي فإن مساءلة العاقل أمر مباح وجائز.
لا يمكن أن تناط مسؤولية بشخص أو جهة دون أن يفهم ذلك الشخص أو الجهة أنه لا توجد مسؤولية دون مساءلة، فللمسؤولية حقوق وعليها واجبات، وعلى من تناط به المسؤولية أن يدرك أنه إن تهاون أو اهمل وجبت مساءلته.
عندما يلج المريض باب عيادة الطبيب الخاص قصدا للعلاج أو الاستشارة فكأنما قد تم توقيع عقد بين المريض والطبيب يلتزم فيه الأخير ببذل اقصى الجهد لعلاج المريض (وليس شفاءه). وعندما يدخل المريض الى المستشفى الخاص فكأنما تم توقيع عقد بين المريض والمستشفى يلتزم فيه الأخير ببذل اقصى الجهد لسلامة المريض (وليس شفاءه).
عندما يراجع المريض مستشفى عاما دون أن يقصد طبيبا معينا، فالعقد بين المريض والمستشفى، وليس بين المريض والطبيب المعالج، فالأطباء هنا موظفون لدى المستشفى وهو يتحمل مسؤولية موظفيه.
حتى نضمن الحد الأدنى من السلامة والأمان للمرضى وجب أن ندرك أن الطبيب والمستشفى يتحملان مسؤولية علاج المرضى وتجب مساءلتهما إن اهملا أو قصرا احدهما أو كلاهما.
إذن؛ فالمسؤولية الطبية والمساءلة الطبية شيئان مختلفان لا يجب الخلط بينهما. لقد تحددت المسؤولية الطبية عندما تخرج الطبيب من الجامعة أو أنهى اختصاصه (عليه معالجة المرضى على قدر جهده بما تعلمه)، أما المساءلة فهو أمر تحدده أعماله اللاحقة.
لا يجوز بأي حال من الأحوال استثناء احد من تحمل نتائج عمله، والحكم في تقرير الخطأ من عدمه هو للقضاء، وله وحده الحكم بأن خطأ قد وقع وماهو عقابه.
عندما تحاول جهة معينة وضع قانون للمساءلة الطبية، وجب أن تكون حيادية، لا هم لها إلا مصلحة المواطن: تريد أن تضمن له حسن الرعاية وأن تمنع الإهمال والاستغلال. ولما كانت الدولة تتحمل مسؤولية رعاية مواطنيها وما يدور على اراضيها، فتكون هي الجهة الوحيدة المعنية بوضع ذلك القانون وضمان تنفيذه تمشيا مع روح الدستور الذي أناط بها هذه المهمة.
للحديث في أمر القانون المعروض أمام مجلس الأمة، أجد نفسي مضطرا للتساؤل: لماذا أدخلت أمور ليست في صلب المساءلة في القانون؟ وأعني بذلك موضوع وجود محرم عند الفحص. وما علاقة تغيير الجنس بالمساءلة أو ما علاقة الاستنساخ بموضوع المساءلة؟.
إن كان هناك من يعتقد بضرورة أن تكون هذه الأمور موجودة ضمن مواد القانون فلماذا لا يدخل موضوع منع الإجهاض، ومنع صرف المخدرات ومنع إجراء العمليات خارج الاختصاص؟ لماذا لايدخل موضوع التجميل الذي يمارسه الأطباء العامون، وغيرهم؟ لماذا لا يدخل موضوع زرع الخلايا الجذعية في العيادات؟ ولماذا لا يدخل.... ولماذا لا يدخل؟ وهناك العشرات من الأمثلة.
السبب في عدم ضرورة إدخال كل هذا ضمن القانون أن هذه أمور محكومة بتنظيم المهنة ومحكومة بالدستور الطبي الذي أنيط وضعه أو تعديله بالهيئة العامة لنقابة الأطباء منذ عام 1985 والحق به موضوع آداب ممارسة المهنة.
نأتي بعد ذلك لموضوع عدم توفر البنية التحتية، كذريعة لعدم تطبيق القانون على المخطئ، ألم يكن من الأجدر بهذا الطبيب ألا يقوم بالإجراء ما دامت البنية التحتية غير متوفرة؟ أو متوفرة في مكان وغير متوفرة في مكان آخر؟ أستغرب أن يوافق وزير العدل ووزير الصحة على "جواز الخطأ في الظروف الاستثنائية"، فالخطأ الطبي غير جائز بتاتا، لا في الظروف العادية ولا في الظروف الاستثنائية. إذ أننا سنجد بعد حين أن كل الظروف أصبحت استثنائية، فعدم وجود الخيط أو عدم توفر الدم سيصبحان ظرفا استِثنائيا، مع أن الأول إهمال إداري والآخر إهمال طبي.
لقد قام من قام بحشو القانون بأمور لا علاقة لها بالمساءلة الطبية، ولعلكم تذكرون كيف كان التعليم الطبي المستمر قد حشر في النسخ القديمة من المشروع. والهدف هو البعثرة، والهدف هو خلط الأوراق للخروج بقانون ليس للمساءلة الطبية وإنما لشيء لا زالت لا أعلم كنهه.هناك معارضون لقانون المساءلة الطبية، معروفون للجميع، وكانت نقابة الأطباء دوما على رأسهم، يتذرعون بحجج أن قانونا كهذا سيفتح الباب أمام شركات التأمين لنهب الأطباء، فقلنا لهم أنشئوا صندوقا للتأمين أو التكافل، وقالوا إن الناس "ستتبلّى الأطباء"، وقلنا إن القضاء هو الحكم. وكانوا دوما يقولون إنهم مع القانون، ولكن بشرط، وكانت هذه الشروط قد أوقفت إقرار القانون منذ العام 2002 لغاية هذا اليوم.
مسؤولية حماية المريض هي مسؤولية الدولة ممثلة بوزير الصحة، وليست مسؤولية نقابة الأطباء. نقابة الأطباء ترعى شؤون منتسبيها وهو أمر مشروع وجائز ونثمنه لها، ولكن حماية شؤون المرضى هي مسؤولية وزير الصحة سندا لقانون الصحة العامة.
وعليه فإنني أجتهد فأقترح: إعادة ما بين أيدينا من مشروع قانون للحكومة، أو إجراء تعديل على الذي بين يدي المجلس الكريم بحيث يتضمن أربع أو خمس مواد تتضمن:
• التعريفات الضرورية.
• تحديد واجبات ومسؤوليات الأطباء والمستشفيات ومقدمي الخدمة الصحية بصورة واضحة دون لبس.
• تشكيل لجنة مكونة من ثلاثة من خيار الأطباء من المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة، وثلاثة من قضاة محكمة التمييز، وممثل واحد عن كل من وزارة الصحة ونقابة الأطباء وجمعية المستشفيات الخاصة. يرأس هذه اللجنة أقدم القضاة فيها.
* تنظر اللجنة في الشكاوى المقدمة إليها من المواطنين وتقرر أحد أمرين:
- أن خطأ أو إهمالا لم يقع وتنصح المشتكي بذلك.
- أن خطأ أو إهمالا قد وقع وتحيل القضية للمدعي العام.
* تقوم المحكمة المدنية بالنظر في القضية وتحكم بما تراه، بما في ذلك التعويض المالي.
* التأكيد على مبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
إن صيانة مكتسبات الأردن في مجال النهضة الصحية والحفاظ على استثمارات القطاعين العام والخاص في هذا المجال، وضمان أن يذهب المريض للطبيب أو المستشفى مدركا أن هناك جهة رقابية تحاسب المخطئ، هي من الأمور التي ستشيع الثقة في الخدمة التي يقدمها الأردن للمرضى، وستسمح باجتذاب المرضى من تلك الدول التي تشترط وجود قانون للمساءلة الطبية لإرسال مرضاها للعلاج فيه الأردن. (الغد)





  • 1 مواطن 22-03-2018 | 10:35 AM

    كلام منطقي صادر من أستشاري متخصص وعند مناقشة هذه القوانين يجب استشارة اصحاب التخصص قبل اقرارها.


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :