مفهومة المصاعب التي تواجه الصادرات الوطنية والكلية وهي انعكست في تراجعها خلال شهر كانون الثاني الى 376.4 مليون دينار بانخفاض نسبته 19.1% لكن ما هو غير مفهوم هو تراجع صادرات سلع تعدينية لها أسواقها التقليدية وهي من الثوابت.
ما زاد من فاتورة المستوردات ووسع الفجوة في الميزان التجاري كان ارتفاع المستوردات من النفط الخام ومشتقاته بنسبة 40.8% وهي نسبة كبيرة يمكن تفسيرها في ارتفاع أسعار البترول واستمرار الإعتماد عليه كمصدر للطاقة ما يقتضي تسريع مشاريع الطاقة البديلة لا عرقلتها.
في ظل هذا التراجع في الصادرات لحساب المستوردات التي ارتفعت الى 1270.6 مليون دينار بنسبة 8.1% هناك من يصرخ للتمسك في اتفاقيات تجارة حرة غير متوازنة بل يسعى ويطالب بالمزيد.
العجز في الميزان التجاري وهو من أخطر المؤشرات إذ يتغذى من الإحتياطيات النقدية ومن حوالالات المغتربين ومن عوائد السياحة, ارتفع خلال ذات الشهر بنسبة 26.0% فيما لم تغط الصادرات الكلية المستوردات سوى بنسبة 29.6% مسجلا تراجعا مقداره (10.0) نقطة مئوية وهو ما كنا نتمنى عكسه ما يدفع الى إعادة النظر في السياسات ومنها اتفاقيات التجارة الحرة التي توفر على طبق من ذهب اعفاءات بالجملة لسلع كثيرة على حساب الإنتاج الوطني الخاضع لأشكال عديدة من الضرائب والرسوم..
إتجاه الأردن لعقد إتفاقيات تجارة حرة مع إقتصاديات كبيرة مدفوعا بحماس بعض المسؤولين ممن لم يلتفتوا الى هيكل الصادرات وما إذا كان قادرا على تقديم قيمة مضافة منافسة في تلك الأسواق تسبب في تشوهات كبيرة في الميزان التجاري ما جعل الحل مشكلة وفي ذات الوقت صعوبة التراجع عن هذه الإتفاقيات الدولية تحت مبرر الإضرار بالسمعة الإقتصادية للأردن في المحافل الدولية وهو عذر غير مقبول.
لم يسع الأردن إلى تكييف مكانته وفق هذه القاعدة بل على العكس ذهب بعيدا في إتفاقات دولية لم يوفر معها غطاء منيعا لصناعاته المحلية, وبدلا من دعمها بالغ في إغراق السوق بمنتجات متفوقة تحت شعار السوق الحر.
في حالة الإقتصاد الوطني حيث يعاني الميزان التجاري من عجز كبير يعد مؤشرا على إختلالات مزمنة تصل الى درجة المرض الذي يلازم المريض ولا يفارقه, لكن الفارق هنا أن هذا المرض يداهم إقتصاديات الدول عندما يتراجع إنتاجها وبالتالي صادراتها لأسباب عديدة خارجة عن إرادتها أما بالنسبة للأردن فهو بفعل فاعل!
الاتفاقيات التجارية الحرة ليست بقرات مقدسات, ومراجعتها أو التخلي عنها كذلك.
الرأي