أنا في حياتي لم اشارك في أي حراك , أصلا أنا أخاف منها..الحراك الوحيد الذي شاركت به , هو حين أوقدنا ذات يوم النار تحت القدر وطلب مني أبي أن أبقى أحرك اللبن...كانت مهمة شاقة كلفت بها , وانتهت بصفعة على الرقبة..لأني حاولت خلع عين رأس الخروف..كنت أعترض دوما على الرأس في المنسف لأن منظره مرعب.
أنا أيضا لم اشارك في أي مسيرة , هي مسيرة واحدة في العام (89) اثناء هبة نسيان , ونسيت في خضم الهتافات ما يحدث وصرخت بأعلى صوتي للفيصلي , تاهت بي الأشواق بين الرفض وبين تشجيع النادي الفيصلي..وظننتها مباراة أكثر منها مسيرة...تخيلوا أسهل شيء في هذا البلد هو: المسيرة , وفشلت في المشاركة فيها.
حتى أني لم انتظم لأي حزب , ولكني في الجامعة ترأست ذات يوم نادي الشطرنج , وقد انتخبني اصدقاء لي من الاداب والتجارة وكنت متحمسا , لكن المشكلة أني لم أكن أجيد لعبة الشطرنج..وحتى اقفز عن هذه القصة اقترحت أن نسميه نادي الشطرنج والطرنيب , وفيما بعد تم إقصائي عن رئاسة النادي..قال لي أحدهم يومها...(انقلع)..فانقلعت.
لا أنسى أني انتسبت أيضا لجمعية طلابية , تنظم حوارات في السياسة والشأن العام , وبعد شهرين تم فصلي , قال لي الرئيس: أنت تحضر لأجل تأمل وجوه البنات فقط , لهذا قررنا فصلك..وتم فصلي.
حتى حين سجنت , سألني زميل من أرباب السوابق عن قضيتي فخجلت أن أقول له: (مطبوعات ونشر)..قلت: شروع بالقتل..من قبيل إيهام الزملاء (المساجين) بأني مصنف خطر..لكنه استدرك وقال لي: ( لا واضح من شكلك)..لم أفهم ماذا كان يعني بهذه الجملة...؟
ما يقلقني أن محطة فضائية استضافتني أول أمس ووضعو شريطا أسفل , صورتي مكتوب عليه (كاتب سياسي)...لقد خفت كنت أريد أن اقول لهم: شروع بالقتل..مع أني أعرف أن أحدا من المشاهدين لن يصدقني...لكنهم وضعوها .
كانت المرة الأولى في حياتي والتي أشعر فيها بأني رجل خطر جدا ...
الرأي