تعتيم شديد يلف صفقة القرن ، وقد يكون مرد ذلك لعدم وجود معلومات عنها ، وقد يكون مرد ذلك لإبقائها سرّاً الى حين .

إلا أن تحليل التصريحات التي ترشح من هنا وهناك ، وعلى لسان بعض المسؤولين هنا وهناك ، قد يقودنا للوقوف على معالم هذه الصفقة . فقد طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالإعتراف بإسرائيل دولة يهودية خالصة ، وهذا يعني ويقتضي ويستلزم ترحيل كل من هو غير يهودي من فلسطين الى خارجها ، وهنا لا بد من معرفة أن عدد الفلسطينين من غير اليهود في فلسطين يقرب من ستة ملايين شخص ، الأمر الذي يتوجب معه البحث لهم عن مكان اخر غير فلسطين .

إلا أن إختيار البديل عن فلسطين لهؤلاء يجب أن تتوفر فيه روابط منطقية أو تاريخية أو دينية أو قانونية من نوع معين ، اي يجب أن يكون الإختيار فيه معقولية من وجهة نظر أمريكا لتستطيع الدفاع عن ذلك الإختيار وإن كانت كقوة عظمى لا تحتاج لمبررات ، إلا أنها تفضل وجود هذه المبررات ، ولنا في التاريخ الأمريكي سوابق على ذلك . فعندما إستولت أمريكا على أراضي مكسيكية تتمثل بولاية كاليفورنيا وينومكسيكو ، وتكساس بحثت عن مبررات لهذا الإستيلاء فإبتدعت مبدأ أسمته " المصير المحتوم " دون سند من قانون أو تاريخ أو دين وهكذا كان لها ضم تلك الأراضي لأراضيها .

وبالبناء على ذلك فإن الخيارات المطروحة لتنفيذ ذلك تتمثل بما يلي :

1- ضم سيناء الى قطاع غزة ومن ثم ترحيل جميع الفلسطينين من غير اليهود الى هذه المنطقة ، أما الرابط المنطقي لضم سيناء الى قطاع غزة فهو رابط تاريخي وجغرافي ، إذ أن سيناء بالأصل هي أراض فلسطينية قامت بريطانيا بإجبار الدولة العثمانية على بيعها لبريطانيا في عام 1906 من أجل أن تكون السيطرة لبريطانيا على ضفتي قناة السويس ، إذ كانت بريطانيا تحتل مصر وقتذاك وكانت بريطانيا تخشى أن تأتي دولة أخرى عند إنسحاب الدولة العثمانية من فلسطين وتصبح تلك الدولة مشرفة على الضفة الشرقية لقناة السويس ، وبشراء بريطانيا لسيناء تكون لها السيطرة على ضفتي القناة ولا يشاركها في ذلك دولة أخرى.

2- الخيار الأخر هو ترحيل كل الفلسطينيين من غير اليهود الى المملكة الأردنية الهاشمية بالنظر للروابط الإجتماعية والعائلية والعشائرية بين الفلسطينين والأردنيين فلا يشعر أحدهما بالإغتراب مع الأخر .

إلآ أن المشكلة التي تواجه هذا الإختيار تتمثل بناحيتين هما :

أ‌- صغر مساحة المملكة الأردنية الهاشمية بوضعها الحالي حيث تضيق عن إستيعاب هذه الأعداد مما يقتضي زيادة هذه المساحة .
ب‌- قلّة الموارد وضعف البنية التحتية لمواجهة الزيادة السكانية مما يقتضي ضم منطقة الحجاز في المملكة العربية السعودية الى المملكة الأردنية الهاشمية وبذلك يتم تجاوز مشكلة صغر المساحة وضعف الموارد والبنية التحتية .

أما سبب هذا الإختيار فيجد صداه في الرابطة التاريخية والدينية بين منطقة الحجاز والهاشميين ، فمنطقة الحجاز تدين بالولاء تاريخياً ودينياً للهاشميين ، لا سيما وأنه يصعب تغيير الشيفرة الدينية للمجتمعات وإن طال الزمن .

بناءً على التحليل المتقدم فإن صفقة القرن تقوم على ما يلي :

1- تشكيل دولة يهودية خالصة في فلسطين .
2- ترحيل جميع الفلسطينين من غير اليهود الى خارج فلسطين .
3 - ضم الحجاز الى المملكة الأردنية الهاشمية لتصبح الوطن البديل للفلسطينين من غير اليهود .

وعلى أن ينصهر مواطنو هذه المنطقة فــــــي دولة واحدة.
وهذا مجرد تحليل قد يلحق بالصواب وقد يلحق به الخطأ .