الأقاليم .. التحفظات تطغى على اصوات المتحمسين
فهد الخيطان
28-03-2009 05:54 AM
** الحكومة لم تفلح في كسب التأييد الشعبي لمشروع غامض ومريب
باستثناء الدائرة الضيقة من السياسيين المتحمسين لم تفلح الجهود الحكومية لغاية الآن في كسب التأييد اللازم لمشروع تقسيم الأردن الى اقاليم, الذي ما زال بالنسبة للاغلبية فكرة غامضة ومريبة. اللجنة التوجيهية العليا للمشروع في اجتماعها الاخير لاحظت ذلك الأمر وقررت وضع خطة اعلامية لشرح اهداف المشروع التنموية و»الانعكاسات الايجابية المتوقعة من تطبيقه«.
بالتزامن مع اجتماع اللجنة شهد الأسبوع الماضي سلسلة من الندوات والمحاضرات شارك فيها رؤساء حكومات سابقين وشخصيات سياسية تناولت موضوع الأقاليم.
وبعيدا عن السباق الجاري بين عدد من الشخصيات لتسجيل براءة اختراع »الأقاليم« سجلت في تلك اللقاءات ملاحظات ناقدة للمشروع وابدى سياسيون بارزون تحفظاتهم على الفكرة فيما اعترض اخرون على التسمية واستثناء عمان من اقليم الوسط لما له من دلالات سياسية.
المتحمسون لمشروع الاقاليم يؤكدون في كل مناسبة ان الهدف منه تنموي وليس سياسيا ويسخرون من سيناريوهات البعض التي تربط بين المشروع والحاق اقليم رابع او خامس »شرقا وغربا« بالاردن.
النوايا الطيبة التي يضفيها انصار التقسيم على مشروع الاقاليم تنطوي على قدر من السذاجة لأنها لا تأخذ في الاعتبار التركيبة الاجتماعية والحساسيات الداخلية وتتجاهل التحديات الاستراتيجية التي تواجه الاردن وخطر المشروع الصهيوني الذي يستهدف تفتيت الدولة الاردنية على المدى البعيد لتصفية القضية الفلسطينية على حسابه.
يدرك الكثيرون ان الحكومة ومن معها من المتحمسين لمشروع الأقاليم يحملون اجندة تقف عند حدود تنموية وادارية, لكن التقسيم على هذا الأساس سينمي في المستقبل المشاعر الانفصالية ويكسبها بعدا سياسيا. هكذا بدأت كل الحركات الانفصالية في الدول وانتهت الى حروب اهلية افضت الى ترسيم حدود جديدة.
واذا لم تكن هناك عوامل داخلية تغذي مثل هذا الشعور فان الاطراف الخارجية المستفيدة وفي طليعتها اسرائيل لن تتردد في استغلال اللحظة التاريخية.
التخطيط التنموي على اساس الاقاليم جائز وسبق للاردن ان وضع خططا على هذا الاساس غير ان التقسيم يبقى نظريا وعلى الورق لتوزيع الموازنات واوجه الانفاق من دون الحاجة لتأسيس كيانات جغرافية وادارية تتمتع بسلطات وبرلمانات منتخبة على النحو الذي يقترحه مشروع الاقليم. فمن الذي سيمنع مجلس اقليم منتخب من الحديث في السياسة ومن الذي يستطيع إبعاد السياسيين عن الترشح لتلك المجالس وخوض الانتخابات وفق برنامج سياسي. تجربة البلديات تعطينا الدليل. فقد تدخلت الحكومة »السابقة« في الانتخابات الاخيرة لانها ضاقت ذرعا بنفوذ تيار سياسي ادعت انه يسعى لتحويل بعض البلديات الكبرى الى منصة انطلاق للسيطرة على البلاد. ألا تخشون من تجربة مماثلة في الأقاليم?!.
ان الاستمرار في مشروع الأقاليم هو انتحار سياسي يضع الدولة الاردنية المستقرة على حافة الخطر, لان الانتقال من المركزية الى اللامركزية وفق مشروع الاقاليم ليس دليلا على قوة الدولة وانما تفريط بعناصر القوة التي تحققت بكفاح القيادة والشعب على مر العقود.
خطة الحكومة الاعلامية لترويج المشروع لن تجدي والتمرين المزمع تنفيذه في مادبا لا مبرر له وتنبغي العودة الى مشروع المحافظات لانه البديل الآمن لتحقيق الاهداف التنموية.0