إلى أين ستذهب منطقتنا ؟!!
د. عدنان سعد الزعبي
18-03-2018 02:48 PM
هل الصراع الأمريكي الروسي سيجر المنطقة لسباق تسلح جديد وتهافت دول المنطقة وخاصة السعودية وايران على امتلاك القنابل النووية ناهيك عن أسرائيل التي تخزن في النقب عدة قنابل تجري التطويرات عليها يوما بعد يوم .
ما صرح به الأمير محمد بن سلمان حول استعداد السعودية لتملك قنبلة نووية إذا امتلكت ايران قنبلة ، يقودنا الى سؤال أكبر ، الا يحق للعرب ان يمتلكوا قنبلة وأثنتين واكثر ما دامت اسرائيل تملك مثل هذه القنابل منذ زمن بعيد ؟؟!
ولماذ لم نفق إلا ألان للحديث عن التوازن العسكري ، مع أن اسرائيل تملك التفوق النووي منذ عقود وعقود وان إيران باشرت بذلك منذ أكثر من 15 سنة فأين كنا نائمين ؟!
لماذا لم نفهم ان الدنيا كانت تقوم ولا تقعد عندما كنا نفكر مجرد تفكير برغبتنا الوصول الى توازن القوى مع اسرائيل , من جانب، ومن جانب آخر تسوق علينا مبادىء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وشرق أوسط خالي من سلاح الدمار الشامل..الخ؟!
يشير الصراع الحاصل في سوريا والآن في الغوطة الشرقية بالتحديد الى توسع واضح في حدة التنافس بين القطبين العالميين على المنافع والمصالح في سوريا .فالروس يحاولون السيطر النهائية على الميدان للتحكم بطاولة المفاوظات وفرض الشروط ، في حين يحاول الامريكان تهديد القوات السورية والروسية وإتهامها باللاإنسانية وأستخدام الغاز وأنتهاك حقوق الإنسان .
الملاحظ أن النتائج ستصب الى تفاهمات تحصل فيها أمريكيا على ما تريد , فلدى أمريكيا مشروع متواصل يبدأ بصفقة القرن ويمر بسوريا ويمتد إلى أيران والخليج العربية بأكملة , وهذا ما يفسر دفع الأمريكان للعجلة الاروبية وخاصة بريطانيا وفرنسا بعد أن ضمنت حالة من الضجر الاروبي من السياسات التصرفات الروسية . فالقصة ليست النظام السوري أو الإيراني أو حزب الله , بل المشكلة الدور الروسي المتنامي في المنطقة والتراجع الأمريكي الذي بدا يشكل انعكاسا سلبيا للمصالح الامريكية , والتهديد الذي تشكله إيران وحزب الله لغسرائيل.
فالروس ما زالوا مستمرون في القتل والدمار بإسم مكافحة الإرهاب , بينما نشاهد أن الإرهابيين تحولوا إلى جثث اطفال ونساء وأشلاء الشيوخ والشباب في الغوطة ,. كذلك فأن الأمريكان تظللوا بإطار حقوق الإنسان اكتفوا بالنظر والفرجة بهدف توريط الروس في سوريا وايصالهم لمستنقع الدم الذي ورطتهم فيه روسيا في افغانستان .
روسيا لم ولن تستطيع أن تستمر في تحمل المزيد في سوريا ، وما تقوم به هو بمثابة (الرمق الأخير ) فاوضاع روسيا الإقتصادية وضعف استمرار إعتمادها على دعم ايران التي ثار فيها الناس وهددوا واقع النظام الايراني كرسالة أمريكية ثانية ، وكذلك التهديد الأروبي المتصاعد بفرض عقوبات على روسيا وهو واضح بطرد السفراء الروس من بريطانيا إثر حادثة العميل الروسي المقتول , وتلويح أمريكيا بشمولية فرض العقوبات الذي يأتي مع بدايات مرحلة الإنتخابات الروسية , وانسحاب كل من أمريكيا وبريطانيا وفرنسا من حضور مؤتمر سوشي كل ذلك يشير إلى تصعيد مبرمج سيضع روسيا في مأزق سياسي إقتصادي كبير خاصة وأنه وخلال شهرين سنطلق أحداث كأس العالم لكرة القدم في روسيا , وهذا بحد ذاته تحد أكبر وأخطر على روسيا .
إن تهديد الأمير السعودي بامتلاك قنبلة نووية مجرد إشاراة قوية موجه لإيران , ولا أعتقد أن الأمير السعودي قالها دون أن يكون هناك مؤشرات أمريكية توحي له بذلك , مع يقيننا التام والكامل أن الأمريكان لن يقبلوا أن تمتلك دولة في الشرق الأوسط ما عدا اسرائيل أي قنبلة نووية للحفاظ على التفوق والردع العسكري الإسرائيلي .
إذا فما هي القصة , ؟! لعل اللعبة الأمريكية في تحجيم ايران التي تدرك طبيعة المحذور الأمريكي بتسليح السعودية نوويا ,فالتهديد بالشارع الأيراني وطرح المشروع النووي الآن ما هو إلا اشارات قوية وواضحة لإيران , اساسها العلاقة مع الروس والمواقف في سوريا , وقبل هذا وذاك صفقة القرن الذي ستحاول ايران ركوب خيلها لتعزيز موقفها ووجودها في نفوس العرب والمسلمين والفلسطينيين بالذات .؟!.
لقد أدرك الروس هذا المخطط منذ شهور وعبروا عن موقفهم من الإسرائيليين من خلال السكوت عن خروقات الطيران الإسرائيلي للأجواء السورية يوميا ، وهذا يبعث على التساؤل والريبة , فالروس يريدون ان تكون رسالتهم للاسرائيليون انهم ليسوا ضدهم. وأنهم يضحون بحلفائهم في الجيش السوري والإيراني الذين تقصفهم طائرات إسرائيل وفي أعماق سوريا , فماذا نسمي ذلك ؟
فشلت تطبيقات نظرية حقوق الإنسان , وبطل مفهوم الإنسانية كقيمة وجدانية أخلاقية إجتماعية وفكرية وتقلصت وانكمشت أمام هذه الممارسات البشعة ومناظر الأشلاء وسفك الدماء بلا رحمة . فاين الإعلام وأدواره , واين أخلاقيات وسائل الإتصال ومسؤولياتها , وأين حقوق الدفاع عن الفرد والجماعة . سقطت ورقة التوت عن كل من ادعى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان المزيفة وظهرت العورات ، وجميعهم ينظرون لبعظهم دون وجل ولا خجل .