هل سنحتاج عيدا للأمومة أيضا
المهندس مصطفى الواكد
27-03-2009 08:02 PM
كنت كالكثيرين من أبناء جيلي نعتبر تحديد يوم للإحتفاء بالأم بدعة لا لزوم لها في مجتمعاتنا حيث كان من بديهيات ثقافتنا أن كل أيام السنة هي أيام احترام وتكريم لمن حملتنا وهناً على وهن وأرضعتنا لبانها النقي الصافي وسهرت الليالي على راحتنا دون منة أو انتظار مقابل ، كنا نعتقد بأنه لن يأتي الزمان الذي تطغى فيه الحضارة المادية على كافة العلاقات الإنسانية عامة والأسرية بشكل خاص لنكتشف الآن كم نحن بحاجة ليوم لللأم بعد أن رأينا كم من الأمهات لا يحضين بالتكريم حتى ليوم واحد في العام ولم يذقن من طعم الأمومة سوى المعاناة والسهر على راحة الأبناء والبنات بداية العمر ، لينتهي بهن المطاف في دور العجزة والمسنين انتظارا لمكالمة هاتفية أو سؤال من أحدهم .
من منا لا تدمع عيناه وهو يرى ما اعتادت على نقله المحطات الفضائية بمناسبة عيد الأم من صور لآباء وأمهات تركهم أبنائهم فريسة لعوادي الزمان دون أن يرف لهم جفن أو يراودهم حساب ضمير ، من منا يملك قلبا كمثل تلك الأم التي يلهج لسانها بالدعاء الطيب لإبنها العاق مجرد أن تسألها المذيعة عن أحوالها ، ترى ماذا يدور في خلد أمهات اليوم عندما يرين ما حصل لبعض أمهات لم يقصرن بحقوق أبنائهن وكانت كل واحدة منهن ( ورشة متنقلة ) مابين الحقل والبيت والزوج والأبناء دون إجازة أو حتى استراحة ، لا ترقد وإن غزا عينيها النعاس قبل أن تطمئن على الجميع ، تقضي ليلها بين باب وشباك ترقب عودة من تأخر من الأبناء .
إذا كان هذا حال بعض أمهات برغم ما قدمن لأبنائهن فماذا تتوقع أمٌ قطعت علاقتها بمولودها يوم قطع حبل الصرة ، صدرها مرهون لجمالها وأناقتها فلا مجال لإرضاع الوليد ، لا تمد يدها إلا لكريمات تطرية البشرة وطلاء الأظافر فالخادمة أولى برعاية الأبناء والأعمال المنزلية ، غرفة نومها في جناح مستقل ، لا تعلم من بكر من الأبناء ومن تأخر ، كل فرد في البيت مفتاحه في جيبه وإن نسيه أحدهم فالخادمة هي من تفتح له الباب دون سؤاله عن حاله ولا عن أسباب تأخره .
أسئلة كثيرة تخطر بالبال عن سر هذا التغير بعلاقة الأبناء بالوالدين وخصوصا الأمهات لا نجد لها تفسيرا إلا بالرجوع لأصل الأشياء لنتمكن من فهم المستجدات ، ليتنا نفعل ذلك قبل أن يأتي زمان لا يكون لنا فيه من السنة إلا يومان ، يوم للأم يتذكرها فيه الأبن ، ويوم للأمومة تمارس فيه الأم دورها كأم .
mustafawaked@hotmail.com