بدائل بحياتي لوجود لن يتكرر !
ثمة مشاعر مختلفة تحملني الى عالم ،لم اتمكن يوما من اكتشافه فحولني الى انسانة مختلفة من اعماقها .
منذ ان بدات بادراك العالم الخارجي من حولي، وانا ابحث عنها كل الوجوه التي امامي ،تدعي بانها «هي»
جميعهن اطلق عليهن اسمها وكنت افكر مليا كيف يمكن للانسان ان يكون عنده اكثر من أم ولا يشعر بان اي واحدة منهن امه .
لكنني حاولت التعايش مع واقع لم افهمه ،ان اقنع ذاتي بان جميعهن «أمي».
كل من حولي -ايضا -كانوا ينادونهن بأمي ،ولكننا نعود بالمساء الى اسرتنا وتخفي كل واحدة منا المها في اعماقها وتخشى البوح به، باحثة عن وجودها وعن وجهها الغائب .
فكل محاولات التعويض التي اوجدها الواقع بحياتي لم تعوضنني عنها ،وكأن هناك شيء خفي يعيش معنا يجعلنا ندرك وجودها وغيابها غير المبرر .
عشت بدونها سنوات طفولتي ،وفي كل مرة كنت بها احاول ان ابحث عنها لا اجد اجابة ممن حولي، لاكتفي بنظرات شفقة اوصلتني لقناعة تامة بانهن لا يمكن ان يكن «أمي».
اذكر جيدا ايامي بالمدرسة عندما كنت اشارك بحفلا ت يتطلب وجود الام بها كنت ابحث بين وجوه الامهات الاخريات عن وجه «أمي» ولا اجدها ..
كنت اشعر بانكسار كبير امام ذاتي وامام الاخرين عندما يسالونني : من هي امك ...؟
فاكتفي بالاجابة :
-لم تتمكن من الحضور ستاتي بالاحتفال القادم ...؟
ولا اقوى ان اخبرهم بانها غائبة وحضورها ،اصبح حلم يرافقني منذ ان استنشقت انفاسي الاولى بالحياة ..؟
واعود الى واقعي وايامي محاولة البحث عن اسباب لغيابها ...
كنت اتمنى لو اني رايتها وعشت معها ولو لايام وغابت بعدها علها كانت قادرة على منحي مبررات لغيابها ومنحتني شعور وجودها مرة واحدة فقط.
لا زلت اذكر شعوري، ان المكان الذي احيا به ليس مكاني الطبيعي فقد قرات بالقصص والروايات بان الانسان يعيش مع والديه بشيء اسمه اسرة تمنحه كل ما يريد وكل ما يحتاج اليه من مشاعر الطمأننية والرضا والامان ،كي لا يرعبه العالم الخارجي من حوله لانه يدرك بان هناك قلوب تحتويه وتقويه وتكون له خد الدفاع الاول امام الاخرين وامام
الحياة وتجاربها .
لا زلت اتذكر نافذتي التي من خلالها احدق في العالم من حولي ، وارى كيف تتفتح الورود وكيف ينثر الجمال الطبيعي نفسه من امامي، لكني لم اكن اشعر به وكل ما كان يروادني حينها :
-كيف يمكن ان اعيد لحياتي رونقاً كرونق ما اراه؟
سنوات حييت فيها بذاك المكان الموحش الذي يزداد غربة كلما كنت ادرك بها العالم من حولي وماهيته
سنوات كان احتياجي لها يزداد رغم اني لم المح وجهها يوما ما ولم اتلمس من حنانها شيء لكني كنت احتاجها . احتاج للبوح لها لان تكون في ايامي اشراقة عمر تغنيني عن كل من حولي.
ما اشقاني.... لآتي على هذه الحياة وتنقطع صلتي بامي لحظة ولادتي ،فلا اشعر بها ولكنها هل شعرت بانها بتنازلها عني وبنكرانها لوجودي قد احزنت قلبي واتعبت نفسي الى الابد؟
هل تعلم انني حين غادرت رحمها كنت بحاجة لان تحتويني وتاخذ بيدي لاستقبل عالمي الجديد بها ومعها؟
هل نظرت الى وجهي جيدا .... الم يحزنها بكائي وهي تحملني للغير تاركة ورائها جزءاً من قلبها ونفسها .
لا اعلم لماذا لم ترحل عن ذاكرتي ،برغم رحيلها عن ايامي وسنوات عمري منذ زمن؟ لا اعلم الى الان :
-لماذا كلما رايت اطفالا يتشبثون بايدي امهاتهم ويركضون الى احضانهم بكيت لحاجتي لما يملكونه هم ولم اشعر به انا ؟
كبرت وودعت طفولتي التي لا تجسد لي سوى الحرمان والالم .... كبرت وفي كل مرة ياتي عيد الام اعيش حالة انتظار جميلة عل الحنين قد طرق ابواب قلبها لتعود الي وتكتشف حاجتي اليها اليوم وفي كل يوم حالة انتظار جميلة تنتهي بالم اخر وحزن جديد وخذلان اخر كالذي رافقني منذ ولادتي فلا هي تعود لتطرق باب قلبي من جديد ولا انا اقوى على الاستسلام والبحث في هذا العالم عن امرأة كانت تسمي «أمي» ولا زلت باعماقي وكياني اردد هذه الكلمة مرات ومرات التي حرمتني هي منها وتخلت عن كل ما يمكنه ان يعيدني اليها .
وكيف يمكن للام ان تخلف هذا القدر من الحزن بقلب طفلتها لحظة تنازلها عنها وكأنها لم تشاركها بانفاسها ودمها وايامها في رحلة اختارت هي ان تنهيها مبكرا وتمضي بحياتها وكأن شيء لم يكن ....؟
ويا ليتها ادركت حينها بان رحيلها اغلق نوافذ الامل بايامي وجعلني ابحث بوجوه من حولي عن وجهها واسرق منهم لحظات الحب والحنان التي كنت اعلم انها لن تكفيني وانها ليست من امي لكني بمحاولات التعويض هذه عشت وكبرت ولا زلت كما انا منذ لحظة ولادتي الى الان .....
الرأي