مياه الأردن نقية .. فأين المشكلة أفي بطوننا ؟
27-03-2009 01:51 AM
غني عن القول إن الأردن يعاني من شح موارده المائية ، والمصدر النهري الوحيد الذي يصب في أراضيه هو نهر اليرموك وعبر قناة الغور التي يعاد ضخ مياهها من بحيرة طبريا .. وهذه المجاري المائية أصبحت في العقود الأخيرة أكثر تعرضا للتلوث متعدد الأسباب ، ومجهول المسبب ، نظرا للشفافية المفقودة التي تتمتع بها سلطات جرّ ودفع وتوزيع المياه في بلدنا ، التي أثقلت المواطن بتكاليف أثمانها ، وعيادات علاجها .
في الأردن القديم حيث مجاميع البدو والفلاحين ، كانت الآبار الجوفية قليلة ويعتمد على النضح منها لتزويد المدن الرئيسة ، أما باقي المناطق والقرى فكانت تعتمد كثيرا على الآبار الجمعية ، التي كانت مياه الأمطار والسيول هي المصدر الوحيد لتغذيتها ، ولم تكن هناك آليات تكنولوجية ومخبرية لمعالجة تلك المياه ، ومع هذا لم تأسن أو تتلوث مصادر المياة القديمة ، حتى مع اعتماد كثير من المزارعين والرعاة على مياه السيول ومناقع الأودية ، والسبخات في البادية .
اليوم مع التقدم الكبير في استيراد التكنولوجيا واستخدام أحدث الطرق لمراقبة صحة البشر ، وتكرير المياه ، ومعالجتها بالمواد القاتلة للجراثيم والميكروبات والعصيات والديدان ونواقل الأمراض ، وكثرة " البشر من الموظفين " الذين يراقبون نظافة مياه الشرب التي يعتمد عليها غيرهم من البشر ، لا زلنا نتلقى المفاجآت الواحدة تلو الأخرى والثالثة تلو الثانية وكلها تتعلق بتلوث مياه الشرب في إحدى المناطق ، وأصبح مسلسل التلوث كالرعد يضرب دون سابق إنذار ويقصف في أي مكان في المملكة .. دون أن توضع حلول جذرية للمشكلة ، وبقي اعتمادنا على ما تضخه الآلة الإسرائيلية لنا من المخزون المائي الذي نحتفظ فيه في بحيرة طبريا ، دون ان نعرف هل الضخ يقوم على أسس صحية أمينة من قبل الجانب الإسرائيلي على افتراض سلامة إجراءاتنا الحكومية .. أم إن المسؤولية الكاملة تقع على عاتقنا نحن أبناء الأردن من وزراء وأمناء ومدراء وموظفين متمتعين بالرواتب والمزايا الوظيفية ، دون مراعاة لأمانة الوظيفة ومسؤولية الرقابة المبكرة .
عموما .. إذا كانت حكومة معروف البخيت قد تأخرت كثيرا في تحمل مسؤوليتها ، وتنصل مسؤوليها من مسؤوليتهم غير كثير ، ونفي خطورة الوضع ، قبل ان تصفعهم حقيقة الوضع والنتائج المخبرية .. فإن لعنة التلوث لا تزال تطارد مياهنا بين الفينة والأخرى .. ليثور السؤال الحائر :
هل مياهنا نقية مائة في المائة كما يقول المسؤولون المائيون .. أم إنها مياه شقية تريد التلاعب بنا مرة ومرة لتفحص مدى قدرة بطوننا على تحمل الملوثات والميكروبات ، وبالتالي فحص جهد لوزارة الصحة في كيفية معالجتنا ؟
وقبل ان نتهم " ساعي المياه " الإسرائيلي الذي يقف على رأس نبعنا ، وبيده دلو مائنا ، ليسقينا ، دون مراعاة لمياه وجوهنا ، فنسأل وزارة مياهنا .. هل سنبقى ننتظر غزوات التلوث حتى نصبح "بلدا بلهاريسيا " .. ولعلم حكومتنا الراشدة فإن البلهارسيا مستوطنة في أرض الكنانة منذ مائة وخمسين عاما ولا تزال ، ولها منازل عدة في جارتنا الشقيقة سوريا ..
وهلاّ دقينا ناقوس الخطر ، وطالبنا بأفعال جازمة ، وتحركات حازمة لمراقبة مياهنا ، ومصادرها ، ومجاريها ، ومحطاتها ، حتى لا تتعطل أجهزة الإنذار المبكر ، ولا تتسلل "جماعات التلوث المائية الارهابية " عبر قنواتنا المائية .. أم تحسبون إن هذا الشعب برمائي له من الجلود ما لا تحس ، ومن الأمعاء ما يعصى على العصيات والقوقعات وما لا يرى بالعين المجردة .