عرف دستوري يعدل جزئيا الفقره الاولى من الماده (60) من الدستور
أ.د نفيس مدانات
15-03-2018 12:03 PM
عمون- عرف دستوري يعدل جزئيا الفقره الاولى من الماده (60) من الدستور الاردني بعد تعديل عام 2011
وتنص الفقره الاولى من الماده (60) من الدستور الاردني بعد تعديل عام 2011 على ما يلي:-
"1- للجهات التاليه على سبيل الحصر حق الطعن مباشرة لدى المحكمة الدستوريه في دستوريه القوانين والانظمة النافذه:
أ-مجلس الاعيان.
ب- مجلس النواب.
ج- مجلس الوزراء.
ان هذه الفقره يستحيل تطبيقها في صورتها الحاليه من جانب مجلس النواب أو من جانب مجلس الاعيان. اذ ليس من المعقول أن يصوت مجلس النواب أو مجلس الاعيان على قانون اليوم وفي اليوم التالي يراجع المحكمة الدستوريه قائلا "القانون الذي قد صوتت عليه بالامس هو مخالف للدستور، أي أن يقيم الدعوى على نفسه.
وهذا يعني أنه يطعن في مصداقيته، كما أنه من غير المعقول أن يحصل.
فماذا فعل مجلس النواب للخلاص من ذلك ؟
فقد قرر بان النصف اي نصف عدد النواب + 1 يستطيعون مراجعة المحكمة الدستوريه بسؤال. وهذا السلوك من جانب مجلس النواب يشكل عرفا دستوريا يعدل جزئيا الفقره الاولى من الماده (60).
ونتسال لماذا جزئيا ؟؟
لانه لايمكن لاي برلمان ان يطبقه على نفسه. لكن من الممكن تطبيقه على قانون صادر عن برلمان سابق كما حصل في خصوص الماده (15) من قانون القضاء.
والمثال التالي يوضح ذلك: عدد اعضاء البرلمان (130) نائبا : فلو ارسل للبرلمان مشروع قانون للتصويت عليه: فصوت لصالحه مائة (100) نائب واعترض عليه الباقي وهم (30) نائبا، وكانوا على حق بأن بعض مواده مخالفه للدستور. فهؤلاء الثلاثون لا يشكلون النصف +1 الذي باستطاعته مراجعه المحكمة الدستوريه . وبالتالي يبقون عاجزين عن مراجعه محكمة الدستوريه، بانتظار برلمان لاحق جديد كي يشكل اغلبيه النصف +1 ويطعن بعدم دستورية المواد المخالفه للدستور بسؤال يوجهه للمحكمة الدستوريه.
والان ننتقل لدراسة العرف الدستوري: يقول الدكتور عادل الحياري في كتابه
" القانون الدستوري والنظام الدستوري الاردني " ان العرف الدستوري هو
" القواعد التي يدرج الناس على اتباعها في بيئه معنيه، ويسيرون على نهجها في معاملاتهم مع شعورهم بلزوم احترامها والخضوع لاحكامها، بحيث يصل هذا الشعور الى الاعتقاد بالزام هذه القواعد وبالتالي عدم الخروج عليها. فهو بشكل موجز" استقرار العمل بقاعده معينه مع الاعتقاد بالزامها وعدم الخروج عليها".
لكن نرى من الواجب علينا ان نطور دراستنا للعرف الدستوري كما يلي:
تعريف ودور العرف في القانون
ان بعض القواعد القانونيه ليست ثمره لاي نص ولكنها نشأت تدريجيا مع الزمن وحصلت سلطتها في التقاليد. فالمقصود القواعد العرفيه. "ويسمى عرفا"، كتب بوثيه)، "قوانين أنشأها الاستعمال وحفظت بدون كتابه من خلال تقاليد Pothier)
لمدة طويله". (قانون بالمعنى الواسع للاصطلاح).
وخلافا للقواعد المكتوبه، فان العرف لا يصدر عن الدوله لكن يتم اعداده بطريقة بطيئه، وعفويه وشعبيه، فالناس هم من ينشؤن الاعراف. واذا كان العرف لا يجد مصدره في الكتابه، فلاشىء هناك يمنع عندما يولد العرف أن يصبح مكتوبا، مثال ذلك لائحة (Montills- tours) لعام 1453 كانت قد امرت بتحرير العديد من الاعراف في فرنسا من اجل معرفتها والاطلاع عليها.
واليوم الاصطلاح عرف له العديد من الدلالات، بالمعنى الواسع، فهو يشير الى كل المصادر غير المكتوبه للقانون الموضوعي. وبالمعنى الضيق جدا، نشبه احيانا العرف بالاستعمال بالمعنى الكلاسيكي للاصطلاح (المعنى الضيق) هو مفهوم اكثر حصرا يتوجب تمييزه عن مفاهيم مجاوره له مثل الاستعمال أو العمل. ومن الناحيه التقليديه، يتوجب كي يكون هناك عرفا بالمعنى الكلاسيكي للاصطلاح، عنصرين يتوجب اجتماعهما: عنصرا ماديا وآخرا نفسيا (بسيكولوجي Psychologique).
العنصر المادي للعرف
يتكون العنصر المادي للعرف من سلوك متبع بشكل اعتيادي أي استعمال. لكن يجب عدم الخلط بين الاستعمال والعرف، لانه اذا كان ابتداء من الاستعمال يتشكل العرف، فانه ليست كل الاستعمالات تصبح اعرافا، وعلى الاخص، بان العرف هو نفسه قاعده قانونيه، في حين ان الاستخدام او الاستعمال البسيط ليست له القيمه القانونيه التي يعطيه اياها القانون. ولكي يكون بامكان الاستعمال ان يصبح عرفا، يتوجب تواجد عده شروط مختلفه، يتوجب اولا ان يكون قديما، وان تكون له مهله اكيده كما تقول الحكمة "مرة واحده ليست عرفا une fois n’est pas coutume ثم يتوجب ان يكون ثابتا، أي ان يكون اتباعه منتظما وعاما خلال المهله المعتبره.
ويتوجب ايضا ان يكون جهارا اي ان يكون معروفا بشكل واسع لهؤلاء الذين يهمهم. واخيرا يتوجب ان يكون الاستخدام للعرف عاما اي ان يكون تطبيقه واسعا بصوره عامه على ارض الاقليم، كما ان الاشخاص يطبقون هذا العرف.
فاذا اجتمعت هذه الشروط، فان العنصر المادي للعرف يكون قد وجد ويتوجب ايضا ان يتضمن الاستخدام العنصر النفسي البسيكولوجي.
العنصر النفسي للعرف
الا وهو اتباع القاعده العرفيه مع القناعه بالعمل بناء على تطبيق القاعده العرفيه.
وكل قاعده قانونيه لها صفة الالزام. والاحساس بالصفة الالزاميه للقاعده العرفيه تبدو كانها عنصرها المادي. اي انها طوعيه وتلقائيه. في يوم، الافراد لهم القناعه باتباع العرف بانه الزامي، وهذا هو العنصر النفسي (البسيكولوجي) للعرف.
والاشخاص الذين يتبعون هذا الاستخدام او الاستعمال يجب ان يكون لديهم الاحساس بانه يفرض عليهم كقوة القاعده القانونيه. فالاستعمال او الاستخدام عندها يصبح عرفا وقاعده قانونيه حقيقية قد ظهرت. ويتوجب اخيرا القول ما هي مكانته في القانون الداخلي في النظام القانوني الحالي.
ان العرف هو مصدر للقانون الموضوعي. فهو اصل القواعد القانونيه التي تكون القانون الموضوعي. ومع ذلك فهو مصدر ثانوي لسببين: فهو ثانوي من ناحيه الكميه لانه كذلك في مجمل القواعد التي تشكل القانون الموضوعي، والقواعد العرفيه هي قليلة للغايه وثانويه ايضا من ناحية النوع لان سلطة القاعده القانونيه العرفيه هي ادنى من سلطة القاعده القانونيه المكتوبه. وبالرغم من هذه الصفة الثانونيه التي لها، نميز ثلاثة ادوار ممكنه للعرف.
القانون هو الذي يحيل على العرف. وعندها نتحدث عن العرف (secundum legem) اي الذي يساعد القانون. وفي هذه الحاله، فالمشرع أو السلطة التنفيذيه يفوضون سلطتهم للعرف.
ثم في بعض الحالات، يسعى العرف لسد النقص التشريعي او التنظيمي. وعندها نتحدث عن عرف (Praeter Legem) أي ما قبل التشريع في غياب القانون. وفي محاضره تمهيديه له عن القانون المدني كان (بورتاليس Portalis ) قد اعترف بالقوه الالزاميه للعرف بدون الاحاله من القانون في حاله سكوت هذا الاخيرحول مسأله محدده.
فالعرف عندها يكون قبل التشريع (Praeter Legem) فهو اذن مصدر للقانون الموضوعي تماما ومستقلا. ويوجد حالات نادره جدا حيث العرف له كهدف ان ينظم وضعا كان المشرع أو السلطه التنظيميه لم ينظمانه. وهذه الحالات نادره جدا لانه يتوجب ان يكون قصور المشرع قد مضى عليه وقتا طويلا كفايه كي يكون العرف قد استقر ويكون باستطاعته ان يغطي قصور المشرع. ويخلص المشرع في النهايه الى عدم التدخل بشكل عام دائما، وان لم تكن الحال هكذا، فان الاجتهاد الاسرع من العرف يضع القاعده التي تنقص. ومع ذلك يوجد امثله مختلفة في القانون المدني على وجه الخصوص حيث العرف يسبق التشريع.
والعرف قد يخالف احيانا القانون او النظام، وعندها نتحدث عن عرف ضد التشريع. فاذا كان نص القانون الذي يخالفه العرف هو نصا بديلا، فهو مقبولا للعرف ان يناقض هذا النص. وبالمقابل، يعتبر انه ليس باستطاعه العرف ان يناقض قانونا او نظاما حتميين لان المبدأ هو أن القانون أو النظام هما أعلى من العرف. هذا ومن جهة اخرى ان اعتبار القانون والنظام أعلى من العرف لان الاجتهاد يرفض ان يعترف بان عرفا او عاده بالامكان ان تلغي قانونا لم يعد معمولا به. وبالرغم من كل هذه المبادىء، يوجد مع ذلك اعرافا مخالفه للقانون ويطبقها الاجتهاد ولها قيمة القاعده القانونيه. فمثلا، الماده (931) من القانون المدني الفرنسي تتطلب بان كل هبه تكون بموجب كتاب عند الكاتب بالعدل ومع ذلك العمل جاري على العطاء باليد مقبول بموجب العرف فيما يخص المنقول. مثال آخر، الماده (1202) من القانون المدني الفرنسي تنص على انه فيما عدا الاستثناءات القانونيه، فان التكافل والتضامن لا يفترض. ومع ذلك، في المواد التجاريه، يكرس العرف المبدأ الذي بحسبه التضامن والتكافل بالامكان افتراضه.
واخيرا نقترح تعديل الفقره الاولى من الماده (60) على النحو التالي:
"1- للجهات التاليه على سبيل الحصر حق الطعن مباشره لدى المحكمة الدستوريه في دستوريه القوانين النافذه:
أ- الملك
ب- رئيس مجلس الاعيان
ج- رئيس مجلس النواب
د- رئيس مجلس الوزراء
ه- (33) ثلاثة وثلاثون نائبا
و- (17) سبعة عشر من الاعيان
وبهذا تصبح هذه الفقره معقوله وقابله للتطبيق في الواقع العملي مع حذف وجود الانظمة منها، ومن الفقره الاولى من الماده (59) التي قبلها لان معالجة مخالفة النظام للدستور تتم ضمن اطار رقابة المشروعيه من قبل القاضي الاداري.