عندما وضع نيوتن قانونه الثالث للحركة في الميكانيكا التقليدية والذي ينص على أن "لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومعاكس له بالإتجاه"، ربما كان يقصد إزدواجية القوى وتبادليتها فيزيائياً فقط، لكنني سأشطح قليلاً لنرى أن القانون يمكن تطبيقه أيضاً على الجوانب الإنسانية والإجتماعية وصالح لكل زمان ومكان:
1. القوى تتواجد على شكل أزواج ولا يمكن وجودها بشكل منفرد، ولذلك فردود الأفعال شيء طبيعي يجب توقّعه من الجهة المقابلة.
2. إنسانياً ما يزرعه الناس يحصدونه، فإحترام الآخرين بحُسن نيّة سيؤدي حتماً لإنعكاس ذلك منهم إيجابياً على مَنْ إحترمهم، وبالطبع عكس ذلك صحيح فعدم الإحترام يولّد ردة فعل مقابلة من شِكلها.
3. يقال أن الأرواح جنود مجندة، وهذا مردّه لتوافقية المحبة أو الكراهية بين بني البشر والتي تأتي كردود أفعال وربما بسبب تراكمية العلاقة الإنسانية بين بني البشر.
4. والعلاقات الدولية تضبطها أيضاً مسألة المعاملة بالمثل للرعايا والتحالفات والسياسة والدبلوماسية وغيرها، وهذا أيضاً يقع في بوتقة قانون نيوتن.
5. وحتى ردّة فعل العالم بأسره ودول التحالف على الإرهاب لم تأتي من فراغ، بل جاءت كردة فعل للقضاء على جيوبهم، فلكل فعل إرهابي جبان ردة فعل للقضاء عليه ووقف صوره التشويهية والمسيئة.
6. أجزم بأن قوانين الفيزياء جُلّها يمكن تطبيقها في الجوانب الإنسانية والإجتماعية، وأمثلة ذلك كثيرة على العلاقات الإنسانية والمعاملة ومعاملات البيع والشراء وغيرها.
7. لكنني أؤمن بأن التسامح في الإساءة يجب أن لا يحكمها قانون نيوتن بل أخلاقياتنا الإيجابية والنظيفة لتكون في ميزان حسناتنا.
8. نيوتن حفر إسمه في التاريخ وتُستنسخ وتنسحب قوانينه على جوانب كثيرة، والكيّس منّا من إستفاد وأفاد، فخلّد إسمه في سجلّات التاريخ بالعلوم والإنسانية وغيرها.
9. مطلوب أن تكون ردود أفعالنا الإنسانية إيجابية وتحترم الآخر أنّى كانت الأفعال من الطرف الآخر لأن ذلك يعكس أخلاقنا، فكيف إن كان الطرف الآخر نموذج أخلاقي!
بصراحة: إرث نيوتن الفيزيائي يندرج على إنسانيتنا وعلاقاتنا ومعاملاتنا وتواصلنا ومحبتنا وإحترامنا لبعضنا، والمطلوب أن تكون ردود الأفعال إيجابية لا سلبية مهما كانت النوايا.
صباح الفيزياء والإنسانية