تضامن: الأعمال غير مدفوعة الأجر للنساء تعوض النقص في الإنفاق على الخدمات الاجتماعية
13-03-2018 04:23 PM
اقتصاد الرعاية لا يدخل في حسابات الناتج المحلي الإجمالي والتي قد يتراوح ما بين 10%-39%
زيادة الوظائف المدفوعة الأجر في اقتصاد الرعاية عاملاً حاسماً في المساواة بين الجنسين
الأعمال غير مدفوعة الأجر تشكل عائقاً جدياً أمام قيام النساء بالأعمال مدفوعة الأجر وترسخ تأنيث "فقر الوقت"
زيادة الوظائف المدفوعة الأجر في اقتصاد الرعاية عاملاً حاسماً في المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للنساء
تضامن : الأعمال غير مدفوعة الأجر للنساء تعوض النقص في الإنفاق على الخدمات الاجتماعية وتشكل نقلاُ لمواردهن الى آخرين
عمون - أكد تقرير للأمين العام للأمم المتحدة صدر عام 2017 وحمل عنوان “تمكين المرأة اقتصاديا في عالم العمل الآخذ في التغير”، على الروابط الحيوية بين التمكين الاقتصادي للمرأة وحقها في العمل اللائق وفي العمالة الكاملة والمنتجة.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن” الى أن التقرير يركز على العقبات التي تواجه النساء في ممارسة حقهن في العمل وحقوقهن كعاملات، ويضع عدد من المقترحات لتذليل هذه العقبات. كما ويبحث التقرير في التحديات أمام تمكين النساء اقتصاديا ومنها تزايد العمل غير المنظم، وتنقل العمل وتحولاته في ظل التطور التكنولوجي والرقمي.
إن أوجه التفاوت بين الجنسين في عالم العمل الآخذ في التغير لا زالت تتمثل في الحواجز المتجذرة والمعيقة لمنع التمييز وتحقيق المساواة، وهي موجودة في جميع الدول وفي المجالين العام والخاص، ومنها وفقاً للتقرير الفجوات بين الجنسين في إطار المشاركة في القوى العاملة والأجور والفصل المهني وعدم تساوي ظروف العمل، وتحمل النساء أعباء الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر.
وأبرز التقرير خمسة أوجه للتفاوت بين الجنسين، وهي المشاركة في القوة العاملة والفصل القطاعي والمهني، والقيود المفروضة على مباشرة المرأة للأعمال الحرة، والفجوات في الأجور بين الجنسين، والفجوات في الحماية الاجتماعية، والعمل في اقتصاد الرعاية الذي سنتناوله في هذا البيان.
ويقع على النساء العبء الأكبر من الأعمال غير المدفوعة الأجر وبشكل مجحف بما فيها الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية، وهما في كثير من الأحيان يعوضان النقص في الإنفاق العام على الخدمات الاجتماعية والبنى التحتية، كما أنهما تدعمان الاقتصاد وإن كانا في الواقع يشكلا نقلاً للموارد من النساء الى آخرين في الاقتصاد.
ولا تدخل أعمال الرعاية والأعمال المنزلية في حسابات الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الأمم المتحدة تقدر القيمة الإجمالية لهما ما بين 10%-39% من الناتج المحلي الإجمالي. وهي بهذه القيمة قد تتجاوز القيمة الإجمالية للصناعات التحويلية والتجارة والنقل وغيرها من القطاعات.
وتضيف "تضامن" بأن التمكين الاقتصادي للنساء يستلزم الحد من الأعمال المنزلية وأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، وإعادة توزيع هذه الأعمال عن طريق الدولة بتأمين الخدمات الاجتماعية، وعلى رأسها خدمات رعاية الأطفال والمسنين والرعاية الصحية والإجازة الوالدية، إضافة الى تأمين البنى التحتية المناسبة من مياه وطاقة.
وتعتبر زيادة الوظائف المدفوعة الأجر في اقتصاد الرعاية عاملاً حاسماً في المساواة بين الجنسين والتمكين الاقتصادي للنساء، والذي يتسم أيضاً بغياب العمل اللائق وانتقاصا من حقوق العاملين والعاملات. علماً بأن أغلب العاملين في هذا المجال هم من النساء والفتيات.
عالمياً، فإن هنالك حاجة الى 10.3 ملايين عامل إضافي في قطاع الصحة (أطباء وطبيبات وممرضات وقابلات)، و 27 مليون مدرس/معلم إضافي لتحقيق تعميم التعليم الابتدائي بحلول عام 2030، مما يشكل فرصة إيجاد عمل لائق للنساء في هذين المجالين وفي قطاع خدمات رعاية الأطفال وكبار السن.
كما أكد التقرير على أن استثمار 2% من الناتج المحلي الإجمالي في اقتصاد الرعاية في 7 دول فقط، سيعمل على توفير 21 مليون وظيفة تساعد على مواجهة التحدي المتعلق برعاية كبار السن وتحدي الركود الاقتصادي. كما أن الاستثمار في اقتصاد الرعاية سيعمل على ردم الفجوة في الأجور بين الجنسين، حيث يمكن أن تشغل النساء هذه الوظائف بنسبة تصل الى 70%.
يذكر بأنه وبحسب التعداد العام للسكان والمساكن 2015، فإن عدد الأردنيات المتزوجات واللاتي يعملن حالياً بلغ 171378 امرأة، واللاتي يبحثن عن عمل حوالي 80315 امرأة، فيما وصل عدد الأردنيات المتزوجات غير النشيطات اقتصاديا 1015720 امرأة.
وتؤكد "تضامن" على أن الأردنيات المتزوجات يشكلن النسبة الأعلى بين النساء العاملات (62% من مجموع الأردنيات العاملات البالغ 281174 عاملة)، كما يشكلن النسبة الأعلى بين النساء الباحثات عن عمل (50.7% من مجموع الأردنيات الباحثات عن عمل والبالغ 158231 امرأة)، ويشكلن النسبة الأعلى بين الأردنيات غير النشيطات اقتصاديا (60.2% من مجموع الأردنيات غير النشيطات اقتصاديا والبالغ 1686294 امرأة).
من جهة أخرى ذات علاقة، فقد أشار تقرير التنمية البشرية لعام 2015 والذي حمل عنوان "التنمية في كل عمل"، والصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الى أن العمل غير مدفوع الأجر والذي تقوم به النساء يشمل ضروريات الحياة اليومية للأسر كالتنظيف والطهو، إلا أن جزءاً كبيراً منه يتعلق برعاية الأطفال (2 مليار طفل)، ورعاية المسنين والمسنات (120 مليون مسن/مسنة فوق 80 عاماً)، ورعاية ذوي وذوات الإعاقة (مليار شخص)، ورعاية المرضى (أعدادهم كبيرة منهم 37 مليون مريض/مريضة بمرض الإيدز). وكلها أعمال غير مدفوعة الأجر ولا تتوزع فيها المسؤوليات بالتساوي بين الرجال والنساء اللاتي يتحملن الجزء الأكبر منها. وعلى الرغم من أهميته في مجال التنمية البشرية إلا أنه يشكل عائقاً جدياً أمام قيامهن بالأعمال مدفوعة الأجر، ويأخذ حيزاً كبيراً من الأوقات اليومية الحرة المخصصة لراحتهن ورفاههن.
حتى في الأعمال مدفوعة الأجر، فإن النساء يواجهن العديد من العقبات تتمثل في فجوة الأجور عن الأعمال ذات القيمة المتساوية، وضعف وصولهن للمواقع القيادية والإدارية العليا، وعقبات تعترضهن في ريادة المشاريع الخاصة، وعملهن في أعمال القطاع غير المنظم.
عالمياً وخلال عام 2015، نجد بأن 47% من نسبة النساء في سن العمل (15 عاماً فأكثر) هن نساء عاملات، و 50% منهن لا يمارسن أي نشاط اقتصادي، و 3% في حالة بطالة، مقابل 72% من الرجال الذين يعملون، و 23% لا يمارسون أي نشاط اقتصادي، و 4% في حالة بطالة. علماً بأن فجوة الجور بين الجنسين تصل الى حوالي 24%.
ويؤكد التقرير على أن الفجوة في الأجور بين الجنسين (والتي يكون أغلبها غير مبرر) لا تعتبر قضية اقتصادية فحسب، وإنما لها قيمة اجتماعية هامة تمتد آثارها السلبية على النساء لتؤثر في موازين القوى وبالتالي يتأثرن بها، على اعتبار أن الاستقلالية الاقتصادية تعزز من استقلالية النساء وقدرتهن على إسماع أصواتهن وإحداث التغيير على مستوى المجتمعات المحلية وعلى مستوى أسرهن. والفجوة في الأجور بين الجنسين ما هي إلا مؤشر آخر من مؤشرات ضعف التمثيل النسائي في المناصب القيادية والإدارية العليا في القطاعين العام والخاص.
ويبرز ضعف التمثيل النسائي في مواقع صنع القرار عالمياً من خلال الأرقام التي تبين وبوضوح أن نسبة النساء في البرلمانات بحدود 22%، وفي أعلى المناصب في المحاكم حوالي 26%، ولم تتجاوز نسبتهن في المناصب الوزارية 18%.
أما على مستوى ريادة المشاريع، فالرجال أكثر إقبالاً من النساء على إطلاق مشاريهم الخاصة، وأن عدداً كبيراً من المشاريع التي تقودها النساء تنتهي قبل أن تصبح مشاريع ناضجة، وتعود أسباب هذا الضعف الى محدودية فرص التمويل (42% من النساء في العالم لا يملكن حساباً مصرفياً)، والى وجود قيود في القوانين وتمييز في الممارسات (في 22 دولة لا تتمتع المرأة المتزوجة بنفس الحقوق القانونية التي يتمتع بها الرجل المتزوج)، وأيضاً بسبب عدم المساواة في الحصول على التكنولوجيا واستخدامها (خلال عام 2013، 39% من النساء في الهند يستخدمن الإنترنت مقابل 61% من الرجال).
من جهة ثانية نجد أعداداً كبيرة من النساء يعملن في وظائف غير مستقرة (العمل غير المنظم) على عكس الرجال الذين يعمل معظمهم في القطاع النظامي مما يوفر لهم أمناً اقتصاديا وحماية قانونية تنظمها عقود العمل تفتقدهما النساء. فنسب النساء العاملات في القطاع غير المنظم ترتفع ارتفاعا كبيراً في الأعمال الزراعية والأعمال المنزلية مدفوعة الأجر.