ما كان على وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن يطلب من طهران، التي كان زارها قبل أيام، بلغة «استجدائية» وبطريقة ملتوية و»مغمغمة» أن تعيد النظر بوجودها في المنطقة، أي في العراق وسوريا وفي لبنان وأيضاً في اليمن، حتى يسمع من علي خامنئي: «تأتي الدول الأوروبية وتقول إننا نريد أن نتفاوض مع إيران بشأن وجودها في المنطقة.. هذا ليس شأنكم هذه منطقتنا..لماذا أنتم هنا؟.. سنتفاوض مع أميركا عندما نريد أن نكون في أميركا.. إن طهران لن تطلب إذن واشنطن حتى تنشط في الشرق الأوسط»!!.
وكان على لودريان أيضا ألاّ يبدأ مهمة الضغط على إيران للخروج من بعض الدول الشرق الأوسط بـ»التزَلُّف» نعم «التزلف» للولي الفقيه والقول إنه جاء إلى طهران لتأكيد مساندة أوروبا للإتفاق النووي.. ثم يستدرك بلغة خجولة ويقول: «..وإلقاء الضوء في الوقت نفسه على المخاوف الإقليمية والأميركية بشأن البرنامج الصاروخي والنفوذ الإيراني في المنطقة.!!
والغريب أن وزير الخارجية الفرنسي الذي من المفترض أنه ذهب إلى طهران باسم دول الإتحاد الأوروبي كلها قد اقتصر المخاوف من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط ومن برنامج إيران الصاروخي على الولايات المتحدة الأميركية وعلى بعض الدول الإقليمية ولهذا فقد جاء رد علي خامنئي: «تأتي الدول الأوروبية وتقول إننا نريد أن نتفاوض معكم بشأن وجودكم في المنطقة.. هذا ليس شأنكم .. هذه منطقتنا.. لماذا أنتم هنا؟!.
كان على جان إيف لودريان قبل أن يذهب لطهران أن يراجع العديد من الكتب التاريخية ليعرف أنه ذاهب في مهمة صعبة وأنَّ هؤلاء الذين هو ذاهب إليهم ليحذرهم من مغبة تمددهم في هذه المنطقة الشرق أوسطية التي هي منطقة مصالح أوروبية.. وبالطبع فرنسية لا يعرفون إلا القوة الزاجرة وأنهم سيفهمون هذا الكلام المعسول و»المدهون بالزبدة» على أنه ضعف واستسلام ولذلك فإن «وليهم» قد تحدث بهذه اللغة الفجة والجارحة التي تحدث بها.
وحقيقة أن موقف فرنسا هذا هو موقف الدول الأوروبية كلها وهو أيضا موقف الولايات المتحدة فأميركا إن هي تريد فعلاً إخراج الإيرانيين من الشرق الأوسط ومن الدول العربية التي غدت تهيمن عليها هيمنة كاملة فإن عليها أن ترفع قبضتها الحديدية عاليا وتهزها أمام أنف علي خامنئي وإنَّ عليها أن تكون جادة في إشغال إيران بنفسها وإن تقدم دعماً فعلياًّ لمنظمة مجاهدي خلق وللحركات القومية التي تسعى للاستقلال عن هذه الدولة المستبدة كالحركة الكردية والحركة العربية وحركة البلوش والآذريين والحركات المتعددة الأخرى.. إن هذا هو ما تفهمه طهران.. وليس غيره!!.
الرأي