الجامعات والمستقبل المتخلّف
فايز الفايز
11-03-2018 01:03 AM
الأصل أن یكون مستقبل الجامعات الأردنیة مختلفا عن التاریخ الأكادیمي التلقیني، ولیس متخلفا عن الثورة العلمیة التي تكتسح العالم وتتجھز للدخول الى عصر جدید من سیاسات التعلیم والتخطیط للعصر الرقمي الذي باتت الثورة التكنولوجیة تقود الأجیال فیھ حتى أصبح الأطفال الیوم یتعاملون مع الأجھزة الإلكترونیة الشخصیة كما یتعاملون مع الحلوى والألعاب، فیما جامعاتنا لا تزال تعتمد عقلیة القائد والأفراد في معسكرات التدریب، ولم تطور نفسھا بل وأكثر من ذلك باتت القیادات الجامعیة في السنوات الأخیرة تتبلسھا حالة من الإنكار والإستعلاء على الواقع، حتى سبقتنا جامعات عربیة وخلیجیة لا یبلغ عمرھا عقداً من الزمن.
جلالة الملك في حدیثھ قبل أٍسبوعین أمامنا شدد على التعلیم وعلى حق الشباب في تغییر نمطھم التعلیمي نحو التعلیم المھني والتقنيِ الإبتكاري وما یتناسب مع أسواق العمل، وتطرق الى الورقة النقاشیة السابعة التي لم تتعامل معھا الجامعات ولم تبن على الأفكار المطروحة، وھذا واحد من مظاھر الإنكار الذاتي الذي یتضح جلیا عند بعض الرئاسات، وبعد اللقاء بیوم واحد غادر جلالتھ الى الھند في زیارة لفتوحات إقتصادیة واستثماریة وتعلیمیة، ورافقھ عدد من شباب المدارس والجامعات المتمیزین لیطلعوا على تجارب دولة تقود الإقتصاد النامي العالمي الیوم.
والیوم لا تزال الحكومة تنتظر لجنة اختیار رؤساء الجامعات، وتترك ثلاث جامعات رئیسة بلا رئیس، فیما البحث لا یزال جاریاً عن صدیق أو رفیق أو شخص ما ینتظر دوره في إعادة التدویر لذات السیاسات المتخبطة، ومما ظھر في تسریبات وسائل الإعلام فإن المرشحین من المؤھلین جیدا، تم إستثناؤھم من سباق المنافسة، فیما تم مقابلة أشخاص یعرف الجمیع أنھم لا یستطیعون الخروج من صندوق التفكیر التقلیدي ولن یقدموا أي جدید للجامعات الثلاث الیرموك والعلوم والتكنولوجیا والحسین. في المقابل ھناك من قدموا للمقابلات من خریجي أعرق الجامعات الغربیة وذوي تخصصات علمیة ولھم خبرة واسعة في إدارة الجامعات ولدیھم الكفاءة العالیة للتعامل مع الأنماط الحدیثة للتعلیم، واستدراج المساعدات المالیة لدعم موازنة الجامعات ، وتقدیم مشاریع عمل اقتصادیة ترفد الجامعات مالیا وتحد من أزماتھا المالیة نتیجة الإھمال والجھل في السابق، ومع ھذا لم یقابلھم أحد، وھذا مرده الى عدم الجدیة في إصلاح التعلیم وإصلاح الجامعات وحمل لواء المسؤولیة الوطنیة لإعادة الإعتبار لجامعاتنا وضمان مستقبل أولادنا التعلیمي
لا یعقل أن تُشكل حكومة خلال أسبوع ثم نجلس أشھرا حتى نجد رئیسا لجامعة مرضیّاً عنھ، وكأننا نبحث عن عریس لإبنتنا ، فیما اللجنة التي وقع علیھا الإختیار ھم من الذوات المحترمین ولكنھم سینحازون فطریا الى جیل الرعیل الأول من الكفاءات التي إستنفدت ما عندھا، فكیف سنبقى ننتظر رئیس جامعة تجاوز سن التقاعد بسنوات طویلة لیدیر مؤسسة جامعیة طلابھا من جیل الأحفاد، ھناك فجوة كبیرة بین فكر الجد وفكر الحفید یا جماعة من یرید أن یخدم الوطن والإرث التعلیمي وأن یعالج الخلل المؤسسي للجامعات و یترجم رؤى جلالة الملك علیھ أن یتعامل مع القضایا بكل شفافیة ووضوح وأمانة وتنافسیة شریفة، وعلى جمیع من تقدموا أن تعرض سیرھم الذاتیة للعامة وتكون المفاضلة على التقییم العلمي لا الإسمي،وھذا ھو العدل بعینھ،وعدم استقطاب كفاءات علمیة عالیة الجودة یعتبر جریمة بحق التعلیم وبحق طلابنا، فبعد عشر سنوات لن نجد ھذه الأنماط التدریسیة ولا المناھج الموجودة یوم،سیكون العالم قد تغیر، فیما لا یزال الدیناصورات یتحكمون بغابة التعلیم المتشابكة والإرھاق المالي للمواطنین دون فائدة
نعرف وندرك كم ھي حالة النكران والمحسوبیة والمزاجیة التي تتحكم في عقلیة كثیر من مسؤولي المؤسسات العامة، وكیف یحتار بعض المسؤولین بالبحث لأشخاص بعینھم عن مناصب ومراكز وتنفیعات رغم معرفتھم بأن أولئك الأشخاص لم یقدموا شیئا ولن یقدموا أكثر من عجزھم،ومع ھذا یتعمد المسؤولون استفزاز الشارع والمواطن وأصحاب الكفاءات بتخصیص وظائف بعینھا لأشخاص بعینھم ، فیما رد الفعل المناوىء یستھدف قلب الدولة ورأسھا بسبب فشل المسؤولین الذین یعیقون الإصلاح ولا یملكون الجرأة في تحمل مسؤولیة كنھ أقوالھم وأفعالھم، لیرموا فشلھم على «فوق» للأسف.
الرأي