تناقلت الصحف خبرا صغيرا مفاده أن رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي وفريقه الحكومي سيلتقون غدا الجمعة في مدينة الحسين للشباب مع حوالي مئة وخمسين شابا يمثلون مختلف محافظات المملكة لإجراء حوار شامل، يعقبه أداء صلاة الجمعة، ووليمة على شرف الشباب.
نعم، هذا ترتيب مناسب ليوم الجمعة، وله معاني كثيرة، أهمها أنه يوم عمل بامتياز وتوجه صحيح في الوقت المناسب جدا، لأن الحوار مع الشباب ضروري لإزالة التشوهات التي حدثت نتيجة الإجراءات الحكومية لمعالجة الأزمة الاقتصادية، وما أعقبها من احتجاجات شارك فيها الشباب أكثر من غيرهم، وسط حالة من عدم وضوح الأعباء الاجتماعية لارتفاع الأسعار، والانفراجات التي تعد بها الحكومة.
نتحدث دائما عن دور الشباب في التنمية الشاملة، ومنها تنمية الموارد البشرية، في مقابل الحديث عن البطالة والفقر، وصعوبة توفير فرص العمل، وغير ذلك كثير مما يراه الشباب حديثا يركز على ظاهرة معينة، ولا يدخل إلى عمق المشاكل التي يواجهونها أثناء مسيرتهم التعليمية، وبعد تخرجهم من الجامعات والمعاهد، وهم يطرحون الأسئلة المشروعة التي تصيب صميم المشكلة.
فهم يسألون ما المقصود بمتطلبات سوق العمل إذا كنا لا نربط أصلا بين التعليم ومخرجات التعليم بالصورة التي يجب أن يكون عليها، والسؤال الأهم من الذي يحدد حاجات السوق بناء على دراسات يعتد بها؟ ولماذا يكون السوق في واد، والقوى البشرية في واد آخر؟
لا أعرف ماذا سيقول رئيس وأعضاء الحكومة للشباب، لكنني قد أتصور ماذا سيقول الشباب لرئيس وأعضاء الحكومة عن عقد كامل من النقاش حول مستقبلهم، ودور المؤسسات الحكومية والخاصة في رعايتهم وتدريبهم وتأهيلهم للحياة العملية، والمشكلة تزداد تعقيدا، رغم الكثير من المبادرات الناجحة على نطاق محدد.
ومع ذلك لقاء الجمعة بادرة خير، ودليل على أن رئيس الوزراء سيذهب من الآن وصاعدا إلى الحوار مع الفئات والجماعات الوطنية، وكذلك الوزراء الذين قال لهم جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين اتركوا مكاتبكم، واذهبوا إلى الميدان لتلتقوا مع الناس، وتعاينوا المشاكل على أرض الواقع.
ولعل صلاة الجماعة، واستقبال القبلة، وتسوية الصفوف، تجمع بين الحكومة والشباب على طريق الخير والفلاح، أما الوليمة فهي "العيش والملح" الذي هو في عرفنا عهد الصدق والمحبة والوفاء، نشكر الله عليه ونحمد.