الحروب التجارية والاقتصادات الهشة
عصام قضماني
07-03-2018 12:28 AM
أشعل الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، «حرباً تجارية» بفرض ضرائب جمركية قدرها 25 %على واردات الصلب و الألمنيوم المستورد.
إن كان أكبر إقتصاد في العالم يتجه الى الحمائية فما هو مصير الإقتصاديات الهشة المغرقة بالسلع المستوردة عبر ما يسمى بإتفاقيات تجارة حرة غير عادلة .
من وجهة نظر الولايات المتحدة , ما يفعله ترمب يصب تماما لمصلحة إنقاذ صناعاتها أما بالنسبة للدول المتضررة من القرارات فالأمر خرق لأنظمة التجارة الحرة .
هذه المعادلة يتقاطع حولها التجار والصناعيون , فبالنسبة للفريق الأول هو يدفع لفتح السوق على مصراعيه , أما الثاني فهو يطالب بحماية توفر له ظروفا منافسة .
في إجتماع ناقش إتفاقيات التجارة الحرة التي عقدها الأردن مع عدد من الدول وقف التجار بقوة ضد مراجعة هذه الإتفاقيات بينما قدم الصناعيون كل ما من شأنه أن يبرز أضرارها , فقررت الحكومة إرجاء النقاش .
حتى إتفاقية التجارة الحرة مع أميركا تحتاج الى تقييم لفوائدها مع أن النتائج تقول أنها حققت فوائد كبيرة للإقتصاد أهمها مضاعفة حجم الصادرات الأردنية من أقل من 100 مليون دولار الى أكثر من مليار .
كان لتوقيع بعض إتفاقيات التجارة الحرة نتائج ايجابية للاقتصاد الوطني لكن أقلها فائدة أو تكاد تكون معدومة هي تلك التي وقعت مع الإتحاد الأوروبي ليتم تعديلها الى الأسوأ فيما يسمى بتعديل قواعد المنشأ أو تبسيطها . عدد من الإتفاقيات ساهمت بزيادة العجز في الميزان التجاري فأدت اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الاوروبي الى زيادة مستوردات المملكة من السلع الاوروبية وتواضع الصادرات الى تلك الاسواق ما يحتاج الى وقفة مراجعة لتحديد الاسباب التي تحول دون تدفق الصادرات الاردنية الى الدول الاوروبية و اعادة النظر بالاتفاقية بما يخدم الاقتصاد الوطني , فهذه الإتفاقية لم تضف شيئا للإقتصاد حتى أنها لم تقدم أية مساعدة فنية لرفع مستوى المنتج الأردني .
كان يمكن لإتفاقيات التجارة الحرة مع التكتلات الإقتصادية والعشرات من دول العالم أن تكون الحل لو أنها حققت التكافؤ لمصلحة المصدر الأردني , لكن المنافسة فيها لم تكن عادلة سعرا وجودة وميزات في ظل ضعف تطبيق قانون ونظام حماية الإنتاج الوطني و قانون ونظام مكافحة الإغراق.
السوق مغرقة بالبضائع المصرية والتركية والصينية وغيرها من دول إتفاقيات التجارة الحرة , وبينما لا يستطيع الأردن توفير الحماية لمنتجه المحلي إلتزاما لشروط منظمة التجارة العالمية تخترقها تلك الدول وتعرقل الإستيراد من الأردن .
أثاث وسيراميك وبلاط وملابس ودجاج مجمد ولحوم مجمدة ومضغوطة ومئات أخرى من الأصناف التي ينتج مثلها وربما أفضل منها صناعيون أردنيون تملأ الأسواق بأسعار وجودة رخيصة ولا يستطيع وزير الصناعة أن يتخذ قرارا بحماية الصناعة المحلية التي هو مسؤول عن دعمها .
ليس من سبب يدفع وزراء الصناعة الى التمسك بإتفاقيات تستنزف ملايين الدولارات وتكاد تقضي على الصناعات الوطنية بينما يدركون أن الصادرات مهمة لجلب عملة صعبة وتوفير فرص عمل لا توفرها التجارة .
بعض التجار إلتفوا على الصناعة للإستفادة من الإعفاءات التي توفرها مناطق حرة وتنموية فجلبوا أجهزة كهربائية ومعدات جاهزة كل ما فعلوه هو إنشاء مراكز تجميع تحت عنوان صناعة وهي ليست كذلك .
الرأي