لم تحظ بعد مسميات كثير من مناطقنا بالدراسة والبحث، على أهمية هذا الموضوع في التأصيل لمعانٍ عدة بينها أن هذه الأسماء تؤكد أن مناطقنا وقرانا كان مأهولة بالسكان، وأن الأردن كان عامراً بالحياة.
إذ أن هذه التسميات وتعرض كثير منها للتحوير أو اختلاف الدلالة اثر ما مرت به الأرض من تغيرات سكانية وتاريخية يحمل دلالات تكشف عن كثيرٍ من الوقائع.
ولم تبخل المصادر العربية على الأردن بذكر مناطقها سواء معاجم المكان أو الشعر العربي القديم، فما زال كثير من الأردنيين يرددون بيت الشاعر كثير عزة المتوفى عام 723 م في الأردن، بقوله :
إذا قيل ألا خيل الله اركبي .. رضيت بكفي الأردني انسحالها.
وكذلك، تحفل عددٌ من المصادر بذكر كثير من قرانا ومدننا ، بينها ما جاء في معجم البلدان للحموي، مثالاً لا للحصر، عن زيزياء (أو زيزاء) وهي ذاتها الجيزة ، التي قال فيها : " إنها من قرى البلقاء، يطؤها الحاج ويقام بها لهم سوق وفيهابركة عظيمة، وجاءت التسمية في اللغة من المكان المرتفع، وذكرها الجزيري في كتابه "الدرر الفرائد المنظمة في أخبارالحاج" بقوله : " ثم اختلسنا المسير في الغلس، وشقه الشرق قد كادت توارى من الشفق باللعس، لنصل إلى زيزا بكرة ونقابل منها ما نحب ولا نكره" وصولاً الى قوله :
سر بي لو كنا على خنفس .. لا بد لي من أن أرى زيزاً
اضافة إلى تغير كلمات كقصر الحرانة والخرانة (عند قلب حرف الحاء إلى خاء) الذي ما زال محل نقاشِ عن سبب القلب أو العكس، فهذه التوطئات يعول عليها في فهم كثيرٍ من أحوال الأرض الأردنية وأحوال الأرادنة القدامى.
وفي هذا السياق، فقد سعى كثير من الأردنيين إلى التأصيل للمكان بينهم روكس بن زائد العزيزي والدكتور أحمد الخطيمي، وغيرهم.
وهذه الجهود ما زالت بحاجة إلى البناء عليها وخاصة في سياق محاولة استنطاق بعض الأسامي الآرامية، فلا يغيب عن البال أن اللغة الأرامية تنتهي كثير من كلماتها بـ " ين " و " آن" وقد استعارت اللغة العربية عنها هذا الوصف في أسماء عبدالله و عبدالرحمن ، إذ معنى " النون" هو الله.
ولذا تنتهي كثير من أسماء مدننا وقرانا بحرف النون كمعان وعمان وحوران وغيرها, وتوظيف هذا مفيد لجهة التأصيل للأرض الأردنية وهويتها.