الجاحظ وراق الزمن الحديث يسلم ارثه في زمن يكاد يخلو من القراء
03-03-2018 12:48 PM
عمون - عبدالله مسمار - للمرة الأولى منذ سنوات طوال تغلق مكتبة خزانة الجاحظ في وسط المدينة عمان ابوابها امام القراء والباحثين عن غذاء العقل والروح، بسبب وفاة صاحبها ووريثها هشام المعايطة ابو ساهر.
ليست المكتبة بمبنى ضخم او مثل تلك التي نشاهدها في مصر من مكتبات عريقة، بل هي كشك لبيع الكتب، الا ان ضخامتها في احتوائها مخطوطات تعود إلى 800 عام، لا تتوفر في الكثير من المتاحف، موجودة في خزانة الثقافة عند المرحوم هشام المعايطة.
وورث المعايطة هذه المهنة عن أبيه الذي ورثها عن جده منذ زمن العثمانيين، حيث كانت "خزانة الجاحظ" في مدينة القدس، إلى أن انتقلت إلى عمّان في وسط البلد مقابل البريد القديم منذ عهد مؤسسها الأول سليمان المعايطة، ورفعت خزانة الجاحظ عبارة "خير جليس" كشعار يتوارثه الأبناء عن الآباء.
ومروراً بوليد وخليل وممدوح وأخيراً هشام، ورثة مشروعها المنتصر للمعرفة كرأس سنام الفضائل كلها، وحافظوا على مكانتها المميزة محلياً، في عالم بيع الكتاب وتداوله وتبادله وحتى استعارته.
اما سبب التسمية فكانت بتشبيه الناس في مدينة القدس لمكتبة المعايطة الجد بخزانة الجاحظ، وكانوا يحذرونه دوما من أن ينتهي نهاية مؤلمة كنهاية الأديب والمفكر العربي "الجاحظ".
مكتبة بقرار أميري:
التقى سليمان المعايطة بالملك عبدالله المؤسس في منطقة القطرانة بحسب ما رواه احد احفاد المعايطة، وهناك تمكن من اقناع الملك بفكرة المكتبة وتأسيسها واعتمادها، حيث تم انشاؤها بقرار أميري عام 1922 في مدينة القدس عند باب العامود.
ووصلت المكتبة الى وريثها هشام بعد ان استشهد جده عام 1947 في منطقة العيزرية في رحلة نضاله ضد العصابات الصهيونية ومساعدته الثوار العرب في القدس وحرقت مكتبته على اثرها بالكامل ولم يتبق من مخطوطاتها الا الشيء القليل المحفوظ في منزله بالقدس آنذاك.
ثم عاد والده ممدوح والذي كان جنديا في الجيش العربي في القدس قبل إصابته بانفجار لغم ارضي أثناء الدفاع عن المدينة المقدسة عام 1948 وانتقل للعلاج في بيروت التي شكلت بدورها نقلة نوعية في مسيرته الثقافية حيث تعرف على تقنيات الوراقين ودور النشر والمطابع، عاد بعدها إلى عمان، وبدأ بالتفكير بإنشاء المكتبة من جديد وكان أول تأسيس لها في عمان عام 1967 بالقرب من المدرج الروماني.
وبعد وفاة المعايطة الوالد ادار هشام والذي توفي فجر اليوم إثر حادث سير مؤلم المكتبة ليورثها مجددا لأبنائه حيث تبقى المكتبة بفروعها الاربعة مقصدا للباحثين والدارسين والقراء.
وكان هشام يقول دوما انها وصية ثقيلة وإرث من الآباء والأجداد علينا واجب المحافظة عليه بأمانة واصفا عملهم بـ (وراقي الزمن الحديث) وجل همهم الوفاء بعهد الاباء والأجداد بالاستمرار في العمل بهذه المهنة خدمة لرسالة الثقافة والعلم.