خلال الايام الماضية ، كنت اتابع المواقع الالكترونية ، لمعرفة اخبار الشيخ ارحيل غرايبة ، الناطق الرسمي باسم جبهة العمل الاسلامي ، واين استقر به المطاف ، وفيما اذا عاد الى الاردن ام لا ، الا ان وجدت اليوم نبأ يفيد ، باطلاق نار جديد يقوم به ، ضد الحكومة الاردنية هذه المرة ، وذلك على خلفية تلوث المياه القادمة للاردن من اسرائيل ، تطبيقا لاتفاقية وادي عربة .
كنا نتوقع من الدكتور ارحيل غرايبة ، بعد عودته من رحلته الميمونة الى امريكا ، ان يعقد مؤتمرا صحفيا ، يوضح فيه ملابسات تصريحاته في بلاد العم سام ، واهمها مطالبته من هناك بالملكية الدستورية في الاردن ، وان ينفي ما نسب له من تصريحات ، بدت وكانها استنجاد بالامريكان ، كي تطبق الوصفة الامريكية للديمقراطية في الاردن ، ونحن جميعا نعلم خطورة الاستقواء بالاجنبي ، من اجل تحقيق انجاز وطني ، فكيف ان كان الاجنبي هي امريكا ، وكيف ان كان من يستنجد بالامريكان ، هو تنظيم سياسي اردني ، عرف دائما بعدائه لسياسة امريكا في المنطقة ، ودعمها المتواصل لاسرائيل ، وعرف ايضا برفضه للاستقواء بالاجنبي او تلقي التمويل منه ، وقامت ادبيات حزبه ، على رفض الوجود الصهيوني في ارض العرب والمسلمين ، وضرورة حشد قوى الامة لاجتثاثه والتصدي لداعميه .
انه لامر مستغرب حقا ، ان يكون اول ظهور اعلامي للدكتور غرايبة بعد عودته ، وبعد هذه الضجة التي اثيرت حول تصريحاته ، هولاطلاق مثل هذا التصريح ، وكنا نتمنى هذه المرة ، لو طال به المقام هناك ، كي يطلق مثل هذا التصريح من امريكا ، ليؤكد فيه للامريكان استحالة السلام مع عدو لئيم ، ينكث بالعهود والمواثيق ، يحول عسل السلام الى سم زعاف ، كي يشربه الشعب الاردني الذي اختار السلام معه ، فلو قال ذلك في عقر دار امريكا ، راعية اسرائيل ، لكنا قد صفقنا له طويلا ، ولقد كان من المفترض ان يتطرق لذلك فعلا ، كي يدلل على عدم رغبة اسرائيل في السلام ، فلقد حدث مثل هذا التلوث سابقا اكثر من مرة على ما اذكر .
انني هنا لا ادافع عن الحكومة الاردنية ، ولا لابرر تلوث المياه القادمة من اسرائيل ، ولا استنكر موضوع تصريح الشيخ الغرايبة ، بل اطالب ان يكون هناك موقف رسمي وشعبي حاسم تجاه هذه القضية ، التي تمس حياة المواطن الاردني ، ولم اقتنع بكثير من التصريحات التي تفسر التلوث ، واخرها تصريح امين عام سلطة وادي الاردن ، الذي تحدث عن تعطل ثلاثة من اصل خمسة اجهزة لفحص المياه ، فهذا الامر التقني ليس له علاقة بالتلوث ، ولم يكن سببا له ، بل سببا في عدم اكتشافه مبكرا ، ولا اعتقد ان جميع المعلومات ، التي تسربت عن الموضوع تقنع المواطن الاردني ، فمصدر التلوث هو اسرائيل ، واعتذار اسرائيل "ان كان هناك اعتذار" ، لا يكفي للاطمئنان الى نقاوة المياه القادمة منها ، او الاطمئنان الى نواياها ، ولا بد من توضيح طبيعة التلوث ومسبباته ، واتخاذ ما يلزم من اجراءات دبلوماسية او فنية ، لمنع تكراره مستقبلا .
كان الاولى بالشيخ الجليل ارحيل الغرايبة ، ان يترك مهمة التصريح بهذا الشأن لمسؤول اخر في الجبهة ، فقد بدا كانه اطلاق نار من الداخل ، استمرارا لاطلاقه من الخارج .
m_nasrawin@yahoo.com