الرؤية الملكية والتحديات الاقتصادية
د. حازم قشوع
01-03-2018 01:04 AM
من ادراكنا لاهمية اللحظة التاريخية التي تعيشها المنطقة وما تحمله رياحها من تداعيات سياسية ودواعي امنية اثرت سلبيا على الظروف الاقتصادية فانه بات من ضروريا اعادة بناء الخطة التنفيذية لتستجيب للتأثيرات التي فرضتها المتغيرات السياسية وبما يجعلها قادرة على التعاطي ايجابيا مع الواقع الاقتصادي والمعيشي.
هذا الواقع بات بحاجة لمحفزات سياسية تدعم حركته ومبادرات بناءة تساعده على التكيف مع المناخات السلبية التي افرزتها الظروف الاقليمية نتيجة الارهاصات السياسية الكبيرة والتأثيرات الامنية العميقة التي طرأت على المنطقة فاثرت على مجتمعاتها سلبيا حتى بات يصعب التأثير فيها من دون التأثر برواسبها.
ومما يجعلنا قادرين على التعامل مع هذا المشهد التاريخي الذي نعيش هو قدرتنا على قراءة المشهد بواقعية وقدرتنا على التعامل مع القوة الاقليمية الطاردة والتي ماتزال تعصف بالجغرافيا السياسية للمنطقة وتهدف الى اعادة رسم خارطتها على قاعدة استبدال الديموغرافيا الاثنية ضمن حيز جغرافي جديد كما تقوم القوة الاخرى على تشكيل بيئة جاذبة تستهدف جذب الكفاءات واستقطاب الاستثمارات بواسطة انظمة حمايات قادرة وسياسات تحفيزية جاذبة.
ومن جانب اخر فان هنالك دولا اقليمية عمدت على ايجاد سياسات تمكنها من استيعاب قوى بشرية تبحث عن العيش الآمن والحياة المستقرة نتيجة دوامات الطرد المركزي الاقليمي التي مازالت تسود المنطقة لتحقيق مصلحة سياسية لهذا الطرف او لتعزيز دور أقليمي لذاك.
هذه المناخات جعلت من ميزان الاستقرار السياسي ميزان متغير وغير ثابت نتيجة سرعة الاحداث التي فرضتها المرحلة والتي بدورها ولدت صعوبة في التنبؤ وعدم دقة في التقدير.
ويعود ذلك للكم غير المسبوق من التدخلات الإقليمية والدولية وما رافقها من انشطارات مجتمعية عرقية ومذهبية ومناطقية وطائفية ماجعل قراءة محصلة المعادلة الاقليمية امرا ليس يسيرا و التعاطي مع نتائجه عمل مضن ذلك لان التعامل مع مشهد تاريخي كالذي نعيش بحاجة لروافع معرفية وليس تقليدية فحسب.
ولاننا نتعامل مع متغير ثقيل الظل فإننا بحاجة الى استشراف سياسيي يبني مربعا لما هو قادم و يتعامل بسياسة احترازية شديدة في الجانب السياسي والامني وبمرونة كبيرة في المناحي الاقتصادية والمعيشية وهي المعادلة الرئيسة التي تقوم عليها الاستراتيجية الملكية في تعاملها الدقيق مع هذه المرحلة بكل مقتضايتها.
وذلك لان قدرتنا الذاتية تستند لركائز اساسية ميزها استشراف جلاله الملك لمجريات الاحداث ومآلاتها وهي ركيزة جعلتنا قادرين على التعامل بواقعية معلوماتية مع الاحداث، حيث تميزت السياسية الاردنية بالحلول الاستدراكية واصبحت تملك علامة الثقة التي ميزت نهج تعاطيها مع الاحداث واما الركيزة الثانية التي امتاز بها مجتمعنا كانت وعي المواطن وتفهمه للظروف الاقليمية ومدى انعكاسها عليه وعلى واقعه المعيشي.
لذا شهد الاردن نجاحات كبيرة في الملفات السياسية الاقليمية والدولية كان لها الاثر المحمود في دعمنا واسنادنا من المجتمع الدولي بالرغم من التزام الاردن بقيمه وثوابته وعدم تفريطه بمبادئه او انزلاقه تجاه منفعة آنية او مكانة سياسية ما جعله يحظى باحترام دولي واسع قد يمكنه ذلك اذا ما احسن استثماره من تحويل هذا العمل الدبلوماسي الى نفوذ سياسي.
في ذات السياق كانت هنالك نجاحات استثنائية في الجانب الامني حافظت على المنجز على الصعيد الوطني وعلى الدور في جانب حفظ الامن والاستقرار الاقليمي وهذا ايضا مرده للجهوزية العالية التي يتمتع بها الجيش العربي والمؤسسات الامنية والى الاستراتيجية الردعية والاحترازية التي اتبعتها الدولة بخطى واثقة من حتمية حماية الاردن ودوره.
ولعل الدولة وهي تعمل بكل جهد محمود للحفاظ على الامن الوطني والامان المجتمعي تحتاج الى تعديل بعض السياسات التي يمكن معها الاستجابة للضرورات الداخلية في المناحي الاقتصادية والمعيشية.
فلقد تكبد المواطن عناء الحصار الذي ادى الى غلاء الاسعار بحيث اثر على واقعه المعيشي وجعله غير قادر للايفاء بمستلزماته الحياتية وما زاد من ثقل احماله احمال مناخات الضيق تلك التي مازالت ترافق اجواء التداعيات الاقليمية الامر الذى يحتم علينا ايجاد علاجات انية واخرى ضمن خطة متوسطة المدى تساعد المواطن على مجابهة هذه الاعباء.
ومن المفيد هنا التأكيد ان معظم الاشكالات الذاتية التي تواجهنا تأتي نتيجة وقوع الاردن في وسط ملتهب وليس مرده للتحديات السياسية ولاحتى للدواعي الامنية وهذا ما يحسب للدولة لا عليها لا بل ويحمل المجتمع الدولي المسؤولية تجاه ذلك.
من هنا جاءت الدعوة الملكية بضرورة الاتكاء على العوامل الذاتية لكن بتقديري ليس بذات الكيفية التي تم توظيفها ولا بالاتجاه الذي تم رسمه حيث تم تحميل المواطن وحده كل الاعباء الناتجة من وراء الارهاصات الاقليمية وعلى مقاس معادلات حسابية تفرضها الموازنة او معادلة جبرية تقتضيها المتغيرات البيانية لهذه السلعة او تلك.
لكن ذلك يتأتى عبر ايجاد منظومة اقتصادية و تحفيزية تخفف من الاحمال التي يتكبدها المواطن من جهة وتساعد اقتصادنا على مجابهة التحديات من جهة اخرى على ان تحوي حوافز تساعد على جذب الاستثمار وتوطينه و تحسين الوضع المعيشي للمواطن وايجاد فرص عمل للشباب وفق اسس تراعي مايلي..
١. الاستثمار بالاراضي الزراعية من خلال فتح الباب امام الشباب باستصلاح الاراضي وفق برنامج عمل يعيد خدمة الوطن ضمن ثوب بنائي.
٢. تحويل الدولة الاردنية من دولة آمنة الى جاذبة ضمن استراتيحية واضحة.
٣. ايجاد برنامج يساعد على الاستثمار في الطاقة البديلة عن طريق اقتطاع جزء من فاتورة الكهرباء لصالح هذا الاستثمار الوطني وصولا بقيمة الفاتورة الى الصفرية.
٤. ايجاد برنامج الجمعيات التعاونية ليكون للمواطنين فقط وفي كل المحافظات لتوفير الاحتياجات الاساسية للمواطنين وحماية الحدود الدنيا للمعيشة.
٥. الشروع بايجاد رزم للحوافز الضريبية في المحافظات حسب السمة الاقتصادية التي تميز كل محافظة وبناء على المسوحات التي بينتها المخططات الشمولية بهذا الاتجاه.
٦. وضع استراتيجية للنقل على المستوى المحلي اساسها القطار الخفيف تنسجم مع الخطوط المستقبلية للتعاون الاقليمي.
٧. الاستثمار بالدبلوماسية الاردنية بتوسيع مظلة دخول الاردنيين للبلدان من دون تأشيرات او بتأشيرات لحظية.
٨. ايجاد استراتيجية تضبط عملية الفك والتركيب للقوانين الأقتصادية لاحداث الاستقرار التشريعي المطلوب.
من ذلك فان قراءة المشهد الاقليمي واستشراف مآلات المرحلة بحاجة لخطوات علاجية تعيد توظيف البوصلة الاقتصادية للتتلاءم مع طبيعة التحديات الناشئة نتيجة الظروف الراهنة واخرى استدراكية تقوم بايجاد البيئة المناسبة وارضية العمل القادرة على المشاركة والاستراتيجة الاقليمية القادمة وهو ما يريده جلاله الملك ليكون عنوان المرحلة القادمة.
الامين العام لحزب الرسالة الاردني
الرأي