المواقع الالكترونية ما لها وما لها ايضا
22-03-2009 04:51 AM
لا أملك موقعاً الكترونيا ولست شريكا في ملكية أي موقع، كما انني لست رئيس تحرير لموقع ولا مدير تحرير او مستشارا، ذلك ان علاقتي منذ نعومة أظفاري - وأشك انني كنت منذ طفولتي صاحب أظافر ناعمة - بالصحافة هي علاقة عامل بصاحب عمل، أكتب واتلقى مرتبا شهريا، واستطيع الزعم بعد كل هذا العمر انني كتبت الاف المقالات، ولم اشعر مرة واحدة انني أسأت لمواطن او مسؤول او مؤسسة، ولم أندم على مقالة واحدة أقدمتُ على كتابتها ونشرها، تلقيت كثيرا عتابا لكنه كان يجيء مثل قبلة اب او ام حنونا ودافئا، وكانت سعادتي دائما بما لا ينشر مع مقالاتي اكبر واعمق من سعادتي بما ينشر، واقف مع الكتابة المسؤولة عندما يتعلق الامر بالثوابت، ولا اهتم بهذه الكتابة المسؤولة عندما يتعلق بالاشخاص او الانحراف او الفساد او الافساد او الرشوة او المحسوبية او الخداع والتضليل، فليس هناك صاحب دولة او صاحب معالي او صاحب عطوفة او صاحب سعادة يجلس على الكرسي حتى يأتي من يمدده في تابوته، فهؤلاء جميعا يتم التعاقد معهم لفترة محدودة او لعمل مؤقت ثم يذهبون الى بيوتهم ويتولى الناس الحكم لهم او الحكم عليهم او حتى اهمالهم تماما.
أخصص هذه المقالة الاسبوعية للحديث عن دور المواقع الالكترونية، واذا شرّقت او غرّبت فلا عذر لي، وارى ان هذه المواقع تتصدى لمهمة غاية في النبل وغاية في المسؤولية الوطنية، وغاية في الشجاعة وغاية في القتال حتى يظل الاردن دافئا وجميلا وحنونا، نستحق حبه ويستحق عشقنا.
الكتابة في الصحف ليس لها اهمية وتأثير الكتابة في المواقع الالكترونية، ففي الكتابة الاولى يبدو الكاتب محاضرا على جمع قليل من الناس، بينما في الكتابة الالكترونية هو مشارك في ندوة، يتحدث ويستمع، يتلقى مدحا ويتلقى ذما ومعارضة، وسرعة هذه الكتابة مثيرة للدهشة، اذ ما ان تبث مقالتك حتى تكون خلال ثوان، امام قارئ من عمان ومن العقبة، ومن دمشق ونواكشوط، ومن لندن ولوس انجلوس، ينتهي منها القارئ فيعلق على ما كتبت، وينتهي منها القارئ فيعلق اخر على تعليق قارئ اخر، ويطرح في كلمات قليلة رأيه فيما كتبت ووجهة نظره المتفقة او المختلفة عن وجهت نظرك.
هناك من يتحدث عن سقف حرية التعبير في بلدنا، وبالنسبة لي وقد التحقت بصحيفة الرأي في الاول من تشرين اول عام 1978، لا أذكر انني ترددت عن الكتابة حول اية قضية او في أي موضوع، اذ انني مثل كثيرين لم افتتح مركزا امنيا او غرفة تحقيق او سجنا داخل صدري، كما انني لم اسمح لنفسي بتخويف نفسي، طالما انني انطلق في الكتابة من حرصي على ممارسة مواطنتي الصالحة، ولست ممن يبحثون عن شهرة زائفة او اعجاب مذل، فانا ابن الدولة بكل ثوابتها وموضع رعايتها، وامارس حقي في التعبير دون ان اخشى غضب مسؤول، والتزم بقدر ما استطيع بمسؤولية دوري، وجميعنا نعرف اننا كأقلام صحفية يحصد بعضنا مع كل مقالة له غضب الناس عليه وحتى ازدراءهم له، ويحصد بعضنا الاخر رضا الناس عليه واحترامهم لكل ما يكتب.
وأؤكد ان سقف حرية التعبير في بلدنا اعلى من قاماتنا، لكن الحكومة والناس والقراء لا يستطيعون إجبار صاحب قلم جبان وخائف على ان يقف على قدميه بدل ان يقف على ركبتيه، وأعتز انني عندما كتبت في الرأي كموظف فيها تناولت قضايا كان يتوهم البعض انها خطوط حمر ممنوع الاقتراب منها بكلمة ساخنة حتى لا يكون هناك حريق، واعترف ان الفضل كله كان للاخ والصديق والمعلم محمود الكايد رئيس التحرير آنذاك، كتبت عن الجامعة الاردنية فأضأت ولم اشعل حريقا، وكتبت عن الملكية الاردنية فلم تؤد مقالاتي الى اسقاط طائرة وكتبت عن اوضاع المتقاعدين العسكريين المعيشية فتلقيت الشكر وبدأ عمل جاد لاصلاح هذه الاوضاع ولم اجد امام باب الرأي او امام بيتي دبابتين تنتظراني لاخذي وسجني.
وأعود بعد هذا الخروج عن الطريق المعبد نحو الجوانب الترابية لأؤكد الحاجة الضرورية للعناية بالمواقع الالكترونية والتعامل معها كمحبة وليست ككارهة، وكجهد اعلامي وطني وليس جهدا يستهدف الوطن وصورته وانجازاته ومسؤوليه المخلصين وليس مسؤولية الهشك بشك، فالدخول في مواجهة مع هذه المواقع العميقة والخطيرة التأثير مغامرة غير محسوبة ولن يكتب لها النجاح، فمراقبتها امر صعب وحجبها امر اكثر صعوبة، وفي الحالتين فان أي تقييد لها او قيود عليها لن تحقق اية نتائج، وهذه مسألة تقنية يعرفها الجميع، لقد بدأت هذه المواقع تستقطب قراء بلا عدد، داخل الاردن وخارجه، وبدأت تحظى بحصة من الاعلانات بسبب سرعة انتشارها وبقاء الاعلان فترة اطول، وبالرغم من ان معظم قرائها يبعثون تعليقاتهم باسماء مستعارة الا انني اعتقد ان على الراغبين في دراسة الرأي العام والوقوف على حقيقة مواقف الناس، ان يتوقفوا امام هذه التعليقات المهمة، ولان المواقع الالكترونية الجادة هي وحدها التي ستبقى وتواصل اداء رسالتها، فإن الامر المؤكد ان مواقع اخرى سرعان ما تختفي، إذا لم تنل اعجاب القراء ورضاهم، فالقارئ الاردني صعب وقاس، لا يعجبه العجب ولا الصيام في شباط او رجب، ويرى البعض ان ما اعتدنا على الاستماع اليه مما يجري خلف الابواب من مسؤولين سابقين وحاليين وحول محيطات المناسف، لن يظل سرا على الرغم من عدم اهميته، تظل مسألة جوهرية وهي ان غالبية العاملين في هذه المواقع هم من الشباب والصبايا الذين ستنتهي اليهم المسؤولية الكاملة في التصدي للواجب الاعلامي نحو الوطن والمواطنين.
kmahadin@hotmail.com.
الراي .