في صحراء الربع الخالي و في منتصف عام 2008 كنت مشرفا على مشروع لتركيب خطوط انتاج في الشركة الوطنية للتنمية الزراعية "نادك" التي تعد من كبرى المزارع المتكاملة على مستوى العالم وتتميز منتجاتها وعملياتها التشغيلية بأعلى معايير ضبط وضمان الجودة، وقتها شدني فضول الغربة لأذهب واتفقد شاحنات تحمل يافطات مكتوب عليها " حليب أبطال الأردن" وعلمت انها تابعه لمشروع التغذية المدرسية لوزارة التربية والتعليم.

غمرني الفرح وشعرت بالفخر بأن الوزارة لم "تسترخص" في صحة طلابنا، الا انني صدمت عندما علمت بأن الطلاب ترفض شرب الحليب بناء على توصية من اولياء امورهم بحجة ان هذا المشروع مدعوم من الكيان الصهيوني ويستهدف ذلك الجيل بخصوبتهم.

بعدها بعام او اكثر، قامت وزارة التربية بالعمل على مشروع اخر تحت مضلة برنامج التغذية المدرسية بتوزيع حبوب متعددة الفيتامينات بهدف النهوض بالمستوى الصحي للطلاب، هنا اذكر بأن قواوير اشجار الزينة ونعنعات أمي كان لها الحصة الاكبر من تلك الجرعة على مستوى القرية، فجميع احفادها كانوا يرفضون تعاطي تلك الحبوب لما اثير عنها ايضا من استهدافها للخصوبة.

رياضيا؛ يبدو ان الخصوبة هي العامل المشترك الاصغر في كلتا الحالتين، وقد امتدت الى ما هو ابعد من الغذاء، فأذكر انه انتشر نوع من احزمة البناطيل يوجد بها مغناطيس صغير طالته الإشاعة بان مصدرة الكيان الصهيوني ويهدف الى اصابة شبابنا ممن لم يفلح معه الحليب والفيتامينات بإصابته بالعقم.

حسب نظرية توماس مالثوس القائمة على ثبات الموارد فإن الزيادة في النمو السكاني حتما تقود الى انخفاض في مستوى المعيشة وهنا يقصد الكم و النوع، وفي ضل معدل نمو سكاني مرتفع 3.2% لعام 2016 و متوسط نمو اجمالي 5.3% ما بين عام 2004 -2015 فلا تفسير ان صدق من يعتقدون بنظرية المؤامرة الا ان اسرائيل لم تستهدف خصوبتنا الا لننعم بحياة اجمل واكثر رغدا.

الايام القليلة الماضية شهدنا حالة من الرضى العام تجاه امتحان التوجيهي كنا قد افتقدناها لسنوات عديدة، نسبة النجاح قفزت الى 66.1% مقارنة ب 50% للعام الماضي وهو مؤشر يعكس تحسن اداء للطلاب و لمنظومة الامتحان بشكل عام.

تلك النسبة مقارنة بدول الجوار التي ترتفع فيها الى ما فوق ال 70% هي نسبة منطقية في ضل معرفتنا نحن الأردنيين بزخم المنهاج الاردني الذي افرز قوة بشرية متعلمة تشكل اهم عنصر من عناصر الاقتصاد الاردني.

هذا الانجاز، لم يسلم من ان تطاله نظرية المؤامرة، فكثر هم من اعتقد جازما ان ما تشكل من حالة رضى تجاه نتائج الثانوية ما هي الا ابرة مورفين لتمرير تعديلات على المناهج بما يتناسب مع ما يثار من كلام عن صفقة القرن او بما يخدم القاسم المشترك الاكبر في كل نظريات المؤامرة وهي اسرائيل، فشكرا اسرائيل ان كنت وراء كل ذلك.