حتى الجسم فانه يشاركك بالتورط بما لا تعيه من قبل . من الطبيعي و الممكن ؟ فالحرب من أجل الحياة لا تخص العقل و الخيال فحسب ؟ فالجسم " الجسد " شريك و رافد و احيانا يخونني الانفعال المفرط و مرات يخونني أكثر الافراط بالمسكنات لأمراض وهموم وهواجس العقل والخيال .
قبل أيام اجريت عملية جراحية و فحوصات في مستشفى ابن الهيثم ، و أكثر ما اغرقتني رسائل المرض أن "الجسم محبوس ومحاصر " ويبتلعه المرض . هي محاولة لاستيعاب لما عرف في اللغة باسم" بلاغة المرض " ، ولربما طالعنا و قرأنا نصوصا في الادب العربي القديم والحديث ، ولكن لم أذق مرارتها في حياتي الا هذه المرة .
المرض دون تجربة ، مذاقه هافت و سقيم ، و مذاق مجرد من البلاغة . فكما أن الحياة معركة يومية مع نفسك اولا ، والعالم . فهناك حمى تقابل الفرح بالحياة ، و حمى من مرض تعلو في افقها حفلات العقل والخيال بالسرور بالحياة و اثبات الحياة .
الخروج من المرض " التعافي " يعني بالنسبة لي أن المناعة وجهازها مازال يعمل ، عمل قلق وخطر ، ولكنه اشارة الى أن حياتي مازالت تقاوم وتمانع ، ولم تحط بعد في مساحة باردة عمياء وصماء .
المرض يعني الحياة . ويعني أنها قد تنتهي في أي لحظة ، لكنها تظل ملاعب للقلق والهواجس و يضاف اليها المرض . ولربما أكثر ما يزيدك المرض انتباها الى أن الافراط بالجدية تافهة وقاتلة وقاهرة ، جدية بائسة لا يعول عليها .