ضرورة تغيير طبيعة المساعدات الإنسانية
جوزيه غرازيانو دا سيلفا
27-02-2018 12:30 AM
في العام الماضي أعلنت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) ارتفاع عدد من يعانون من الجوع في العالم، بعد عقود من التقدم في جهود القضاء على الجوع. كما تشير التحليلات هذا العام إلى أن عدد الأشخاص المعرضين لخطر المجاعة سيزداد.
ويعني ذلك أننا لم نستجب للأزمات الإنسانية بشكل فعّال رغم الجهود الجبارة التي تم بذلها. ولتحسين النتائج، علينا أن نجمع بشكل أفضل ما بين تقديم المساعدات الإنسانية وعمليات التنمية على الأرض.
لكي ننقذ حياة الناس، يتعين علينا أن ننقذ سبل عيشهم.
هذه هي الرسالة التي سأحملها إلى «منتدى الرياض الإنساني الدولي الأول» الذي سيعقد في العاصمة السعودية الرياض اليوم الاثنين.
عندما تفقد أسرة تعيش على رعي الماشية قطعيها خلال أزمة إنسانية، فإنها ستفقد كذلك الأمل، بعد أن أصبحت محرومة من أي عمل منتج، وسرعان ما ستصبح غير قادرة على إطعام نفسها. ولذلك يجب حماية سبل عيش هذه الأسر لإنقاذ حياتها.
ورغم جهود المناصرة، فإنه غالباً ما يتم تجاهل قطاع الزراعة في المناشدات الإنسانية، رغم أنه السبيل المباشر لحماية سكان الريف من أسوأ تبعات حالات الجوع الطارئة.
وحتى وسط الأزمات، فإن الإنتاج الزراعي يستمر. فقد أظهر تقييم منظمة الفاو 2017 لتأثير النزاع في سوريا على الزراعة، أنه برغم العنف المستمر منذ سبع سنوات، فإن 75 في المائة من الأسر الزراعية الريفية تواصل إنتاج غذائها.
وفي عام 2016 تمكن أصحاب الحيازات الصغيرة في جنوب السودان من إنتاج طن من الحبوب، رغم العنف الشديد الذي أجبر الكثير من السكان على مغادرة حقولهم خلال فترة الحصاد.
إن الاستثمار في صمود القطاعات الزراعية يوفر التكاليف بشكل كبير. فخلال موسم الزرع الرئيسي في شمال شرقي نيجيريا في 2017 نجحت الفاو في تمكين مليون شخص من إنتاج ما يكفي من الطعام لسد احتياجاتهم للستة أشهر التالية، وهو ما خفف الضغوط على نظام المساعدات الإنسانية بأكمله خلال العام 2018، ولم تتعد تكلفة الحزمة المقدمة لكل أسرة مبلغ 86 دولاراً. وفي الصومال حيث تعتبر الماشية مهمة جداً لبقاء الكثير على قيد الحياة، فإن علاجات لا يتعدى سعرها 0.40 دولار أميركي يمكنها أن تحمي رأس ماشية يكلف استبداله في حال نفوقه 40 دولاراً.
ومع تزايد الطلب على الموارد المحدودة، علينا أن نكون أكثر ابتكاراً في طريقة استجابتنا للأزمات الطويلة الأمد والمتزايدة.
وقد أبرمت الفاو مؤخراً شراكة مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لبحث كيف ومتى وأين يمكن للتمويل الممتد على سنوات، أن يكون له أكبر التأثير على الوضع الإنساني. فالتمويل الأكثر مرونة يتيح للمنظمات ترتيب الاحتياجات الأكثر إلحاحاً بحسب أولويتها. وأود أن أشير هنا إلى ما أبداه التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية بتقديم مليار دولار دعماً لخطة الاستجابة الإنسانية في اليمن لعام 2018.
ونرحب بقرار تخصيص هذه الأموال بحسب الحاجة، مع تخصيص مبلغ كبير لمعالجة الانتشار المتزايد للجوع الشديد.
وبعد عقود من التقدم المحرز في القضاء على الجوع، حان الآن وقت تجديد الالتزام بتحقيق هدف التنمية المستدامة بالقضاء على الجوع.
والأمر الواضح وضوح الشمس هو أن الاستمرار في العمل بالطريقة الحالية لم يعد ممكناً. فلا يمكن اعتبار الزراعة وإنتاج الغذاء محلياً أمراً ثانوياً. فالاستثمار في الزراعة ينقذ حياة الناس ويحمي سبل عيشهم، وليس ذلك فحسب بل إنه يرسي أسس الانتعاش وبناء الصمود.
يجب علينا أن نغير طبيعة المساعدات الإنسانية لنحقق التقدم ونصل إلى القضاء على الجوع.
* المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)
الشرق الاوسط