الحكومة ليست مغنما والمنطقة ليست الوطن
د.مروان الشمري
25-02-2018 06:29 PM
لم استغرب البتة من سلوك بعض النواب الذين بدأوا بالاعتراض علناً على عدم وجود حصة لمناطقهم في كعكة التعديل السادسة للملقي، هذا السلوك هو انعكاس لحالة مجتمعية مأزومة نعاني منها وسبق للكثيرين ان حذروا منها وعلى رأسهم سيد البلاد عندما قال ان لا فرق بين اردني وأردني الا بالإنجاز والاخلاص للوطن وخدمة شعبه بأمانة وتفانٍ حقيقي.
الاردنيون يعترضون ليل نهار على نهج الحكومات وعلى سلوك المسؤولين وعلى تجاهل الدولة واجهزة الرصد فيها لكل مطالبهم وقد تعبوا فعلاً من وعود كاذبة بدأت منذ سنوات طويلة ولَم تصدق حكومة واحدة في اي وعد قطعته مما دحرج ثقة المواطن بالدولة الى أدنى مستوياتها، باستثناء واحد طبعا وهو ثقته بالقيادة ومؤسستي الجيش والمخابرات.
لكن الأردنيين أنفسهم الذين يعترضون على جباية الحكومات وعلى نهجها المفلس وعلى صفرية القيمة المُضافة لأعضائها ( أغلبنا وليس كلنا درءا لاغلوطة التعميم) ما يلبثون الا ان ينتفضوا مثلا اذا طالت انتقادات الناس لقريب لهم في موقع المسؤولية فتتحرك جحافل جيوش القبيلة الكترونيا لتمارس الزلزلة على شاكلة الشيلات الزلزلية لبعض اشقائنا في دول مجاورة ويبدأ مهرجان الشعر مدحا ودفاعا وتمجيدا في القريب المسؤول في الوقت الذي يستمر هؤلاء المدافعون عن قريبهم في توجيه انتقاداتهم بكل ما اوتوا من قوة لباقي مسؤولي السلطة في البلاد.
الاردنيون يريدون محاربة الفساد، مفهوم، ولكنهم يريدون محاربة الفساد في كل مكان الا في مناطق نفوذهم وتنفعهم، الا على اقربائهم ومعارفهم، الا على أنفسهم، وهو الامر الذي اوصلنا الى ما نحن فيه دون الحاجة للخوض في التفاصيل على انها مساكن الشياطين ( التفاصيل طبعاً).
في الاردن غرائب وعجائب تجعل العلم عاجزا امام إيجاد تفسير علمي ومنطقي مفهوم لها، فنحن مثلا ندين المسؤولين الْيَوْمَ وفِي الْيَوْمَ التالي نلهث وراءهم لضمهم لجاهة فيها الكلفة والتكلف وفيها كل المتناقضات من مشاركين من الطبقة الكادحة التي تنتقد المسؤول الى المسؤول الذي ننتقده مشاركا في الجاهة متحدثا رئيسيا تكريما ممن ينتقدونه. نحن مثلا ننتقد المسؤول والوزير والباشا وعندما نرى سيارته تزور المنطقة يتراكض الجميع تمجيدا وتأليها وتبجيلا فنقيم الولائم ونأخذ الصور ونقوم بوضعها على جميع وسائل التواصل فخرا واعتداداً.
متى سياتي ذلك الْيَوْمَ الذي ننتخب فيه الاكفأ ونحترم فيه الاكفأ ونحارب فيه الفاسد والمقصر والفاشل حتى لو كان من اقرب الأقربين؟ متى سنفهم ان الوطن بكليته للجميع وان لا فرق بين احدنا والآخر الا بمقدار ما نقدم للوطن كله وليس منطقةً دون غيرها.!
نحن في الاردن قوم عجزت حكوماتنا عن فهمنا وعجزنا عن تفهيمها وضاعت حلقات البناء الحقيقي وفقدنا بوصلة التقييم ونقسم الوطن الف مرة دون وعي او عن وعي وادراك. نحن نجمع متناقضات عز نظيرها وبكل امانة فإنني بت مقتنعا انه ليس بالإمكان أفضل مما كان في ضوء الثقافة البائسة والعقليات التناقضية التي تحكم سلوكنا.
اخيرا اقول للنواب ولكل من طالب بحصة في كعكة التعديل: تذكروا يا رعاكم الله ان الحكومة ليست مغنما وان المنطقة ليست الوطن.