القدس من جديد وأسئلة المستقبل
د.مهند مبيضين
25-02-2018 12:26 AM
عملياً لم تفلح مرافعة أبو مازن في مجلس الأمن مؤخراً والدعوة لآلية جديدة أو مؤتمر دولي للسلام، في تراجع الإدارة الأمريكية عن قرار نقل السفارة، إذ عادت أول أمس لتقرر أنه سيكون في شهر أيار المقبل، أي مع الذكرى السبعين للنكبة، ومعنى هذا ضرب الحائط بكل الجهود العربية والإسلامية ضد القرار.
اسرائيل من طرفها تسيطر اليوم على كل المؤسسات الفلسطينية في القدس الشرقية مثل بيت الشرق وغيره، والفلسطينيون في القدس انخفضت مظاهراتهم، وتغير نمط احتجاجهم، وبدأ لديهم ميل للاهتمام بالمكاسب المهنية، والنأي عن السياسة، وهنا يرى باحثون مختصون أمثال الباحثة الفلسطينية دانا الكرد وفي ورقة قدمتها في ندوة عقدت بالدوحة في المركز العربي للابحاث ودراسة السياسات بعنوان: « قرار نقل السفارة ووضع القدس القانوني والسياسي» أن أهالي القدس تأثروا بسياسات خفض التماسك الاجتماعي منذ العام 1993، التي أثرت على العمل الاحتجاجي في القدس، فيما أهل الضفة مختلفون في احتجاجاتهم، لاعتمادهم على السلطة، أما أهل القدس فالامر مختلف عندهم.
اعلى مظاهرات لأهالي القدس بحسب دراسة للكرد في السنوات الأخيرة شهدها العام 2014 بسبب سياسة التقييد الاسرائيليية على المسجد الأقصى واستشهاد الطفل محمد أبو خضير، وأعلى نسبة مظاهرات في القدس كانت في المناطق التي لها صلة بالمسجد الأقصى مثل البلدة القديمة، أما مظاهرات العام 2017 قامت ضد الكاميرات والبوابات الالكترونية فلعب فيها الشباب المقدسي دورا في استخدام السوشيال ميديا، وتوظيف صلاة الجمعة، وتمت بجهد محلي وأهلي ودون تدخل او دعم السلطة.
المناطق التي تضرر بها الناس من الأحياء المهمشة بسبب الاستيطان هي التي شهدت أكثر الاحتجاجات، وعند مقارنة مظاهرات 2017 وهي نتيجة لقضايا محددة وتمس حياتهم اليومية الدينية والتجارية، فهي أكثر من حجم المظاهرات التي قامت ضد اعلان ترامب، بمعنى أن العامل الأساسي الذي يوجه مظاهرات أهالي القدس بعيد عن تأثير السلطة الفلسطينية السلبي على التماسك الاجتماعي منذ عام 1993. كما أن مظاهرات المقدسيين مؤخرا بدأت تتخطى ذلك الـتأثير، وتستفيد من الدروس السابقة.
الابحاث العلمية اليوم، عن القدس بحاجة لتحليل أفضل وابتعاد عن التاريخ والمظلمة التاريخية، والتي هي على اهمية لا ينبغي التخلي عنها، لكننا بحاجة لمعرفة علمية عن الاجتماع والاقتصاد والتماسك الاجتماعي وسياسات العمل والهوية ومستقبل المؤسسات الفلسطينية في القدس العربية أو الفسطينية أياً كانت التسمية.
أخيراً، سنة 1968 كان عدد الفلسطينين في البلدة القديمة 28 ألفا، أما اليوم فهم أكثر من 32 ألفا، فما هو مستقبل الديموغرافيا؟
الدستور