لا مكان لثقافة الصوت الواحد في اي مكان
د.فيصل غرايبة
24-02-2018 12:09 AM
ليس المقصود بهذا العنوان هو نظام التصويت الانتخابي الذي كان معمولا به في الأردن عند اختيار نواب الشعب في البرلمان، وإنما المقصود هو اعتماد المجتمع على صوت واحد، ليتحدث وليناقش وليطرح آراءه، ويعرض أفكاره ويوحي لأعضائه أن يستمعوا الى ذلك الحديث، ويتابعوا هذا النقاش ويصدقوا تلك الآراء، ومن ثم يتبنون هذه الأفكار، وعندها نطالب باحلال ثقافة الأصوات المتعددة، التي تتيح لأعضاء المجتمع، وعلى قدم المساواة، وبكل حرية واحترام، للتفكير وبلورة الآراء وتحديد المواقف، بدون ايحاء أو اغراء او اغواء أو اجبار، وبدون أدعاء بالحقيقة وما سواها زائف، وبدون ادعاء بالصواب وما سواها خاطئ.
واذا ما أراد المجتمع أن يكون لذاته كتلة واعية من الجيل الجديد، تدرك الأمور بمنطقية وموضوعية وباقرار نابع من الفهم الذاتي والادراك الواعي، فان على هذا المجتمع أن يضع القاعدة المتينة والمناخ الملائم، للحوار الهادئ الهادف وللتعددية الفكرية وللتجديد في القناعات، حسب ما تمليه الظروف والمستجدات، لا حسب ما تفرضه الأحكام المسبقة والانطباعات السالفة.
علينا ان لا نفترض أن شبابنا ورثة لأفكارنا ولعادتنا وتقاليدنا، وأن لا نجبر جيلنا الجديد على ان يخطو نحو المستقبل، على وقع خطواتنا وآثار سيرنا وبصمات تصرفاتنا، بل علينا أن نفترض في أبنائنا أنهم ليسوا صورة طبق الأصل عنا، وان لهم حرية الاختيار بين البدائل وحرية التفكير وأستقلالية الرأي والموقف.هذا مثلما أنه علينا أن نضمن أن تربيتنا لأبنائنا واعدادنا لبناتنا، ليس آلة لأستنساخ الآباء والأمهات، او جهازا لاعادة الصورة طبقا للأصل جيلا بعد جيل، ونخشى عليها أن تختلف أو تتغير أو تشذ.
ان العكس لما سبق هو المطلوب، بمعنى أن يكون هؤلاء الفتيان والفتيات نسيج وحدهم، خيوطهم من صنع أفكارهم وغزلهم من أبداع عقولهم، وخياراتهم منتقاة من تلك الأفكار والأبداعات، المجددة والمستجدة والمنفتحة لا المغلقة المقلدة الناسخة المكررة، لما سبق ولما أنقضى ولما مضى.
وهنالك من الأساليب التي يمكن ان تستخدم لتنمية التفكيرالإبداعي لدى الأبناء تبدأ بتنمية حب الاستطلاع لدى الطفل، وبث الثقة بالنفس فيه، اذ أن من لديه حب الاستطلاع يكون لديه تقدير لنفسه وبالتالي تزداد رغبته في العمل فيتفاعل مع بيئته بكل ثقة، مما يسهم في تطوير قدرته الإبداعية، على أن يصاحبها تحرير الطفل من الخوف والخطأ، فالخوف من ارتكاب الخطأ يعيق السير في طريق الابداع، بينما التعامل بهدوء وبتسامح يشجع على اختيار البدائل التي تصل إلى النجاح. كما ان تشجيع التخيل والتحرك الحر من الخيال إلى الحقيقة لإنتاج بدائل تتسم بالإبداع والأصالة، ينمي هذا التفكير، مثلما ينمي تشجيع الاختلاف في الرأي والعمل على التجريب وإعطاء الطفل والشاب إحساسا بتفرده،وكذلك الاهتمام بمبادرات الأبناء/الطلبة وتقبل أفكارهم وان كانت غريبة.
يتطلب الأمر من الأهل والمعلمين اجراءات وخطوات باتجاه الابناء والطلبة كافساح المجال للحوار وتبادل الأفكار داخل الحصة التدريسية وفي البيت، والمنافسة الهادفة بين الطلبة، وهذا يتطلب من المعلم عدم احتكار وقت الحصة، بل حث الطلبة على التفكير الناقد والبناء، بما يتطلبه من اصغاء الى الطالب، والانتظار حتى يجيب على السؤال أو يكمل طرح الفكرة.كما ان على الآباء والمعلمين الاهتمام بتقوية شعور الابن/ الطالب بذاته، واشعاره بالثقة به وبقدراته،ويتطلب ذلك قيام المعلم بتلخيص إجابة الطالب، وقد يضيف أو يقارن أو يعطي مثالا على ما قاله الطالب، بهدف اغناء إجابته ولم يكن مجرد متلق سالب لإجابة ذلك الطالب.
dfaisal77@hotmail.com
الرأي