فن التدجيل في علم التعديل
عدنان الروسان
23-02-2018 06:51 PM
أكتب قبل التعديل الحكومي المرتقب، الذي لا يقدم و لا يؤخر و هو في نهاية الأمر ليس سوى ملهاة يتحدث بها الناس شهرا أو شهرين حتى ينسوا موضوع رفع الأسعار ثم تأتي قصة أخرى و نتلهى بها شهرا آخر و هكذا دواليك حتى يحين موعد رحيل الحكومة و الرئيس في استراحة محارب مؤقتة ، فقد يستدعون لتشكيل الحكومة لاحقا بعد خمس أو ست سنوات بعد أن نعطي الفرصة لعبدالله نسور ثان أو هاني ملقي ثان ليستمتع بتعذيب الشعب الأردني و ليمص ما تبقى من دماء في عروق الأردنيين إذا بقي هناك عروق أو دماء.
واضح تماما أن الدولة ليس لديها أي خطة للخروج من المأزق التي وضعت الأردنيين فيه ، و واضح تماما أن مجنونا ما رمى حجرا ببئر و أن الف عاقل ما بطلعوه ، و واضح تماما سيطرة شيطان الذهنية البيروقراطية الفاسدة على من يتوجب عليهم حل المشاكل للشعب ، فالحديث جار عن تعيين نائب للرئيس هو السيد المحترم جعفر حسان نائبا لرئيس الوزراء و هو مؤشر إلى حد ما لنتعرف على وجه رئيس الوزراء القادم و على مجمل السياسات التي سنتعرض لها نهاية العام الحالي أو العام القادم إن كان هناك عام قادم.
تحدثنا كثيرا عن الحكومة و ما سبقها من حكومات ، و عن السياسات الجائرة و ما سبقها من سياسات ، و أصوات الناس ترتفع شيئا فشيئا ، و الدولة لا تصنع شيئا كي تتدارك الأمر و تجد الحلول ، من أهم الأسباب التي يمكن أن تساهم في حل المشاكل إيجاد أدوات للحوار بين الحكومة و المثقفين و الخبراء ، حينما يتحدى القطامين رئيس الحكومة أن يناظره على شاشة التلفزيون و القطامين ليس سباكا و لا بائع خضار مع الاحترام لكل المهن و العاملين فيها ، بل هو خبير اقتصادي و لديه رؤية و غير القطامين هناك كثيرون لديهم رؤى و قادرين على تقديم حلول للمعضلة التي نعاني منها.
حينما يتجاهل الرئيس هذه الدعوات للحوار فهو إما خائف من الحوار أو أنه ليس مستعد له ، و يعلم أنه سيخسر و بقوة في أي مناظرة ، و حينما يستهزئ الرئيس بالخبراء الاقتصاديين الأردنيين و حينما يختصر الأمن الغذائي بعلبة بولا بيف و حينما يجري تعديلا وراء تعديل و حينما لا يملك الجرأة أن ينزل لأي ساحة احتجاج ليحاور الناس و حينما يسمع أنات الأردنيين و يشيح ببصره و سمعه و لا يريد أن يسمع فإننا نعلم أي رئيس هو ، بكل الأحوال نحن و كل الأردنيين لا نعتب عليه كثيرا فنحن نعلم حدوده التي رسمها لنفسه ن و نعرف ما قبله من شروط و تنازلات حتى يصبح دولة الرئيس و يسير بموكب مهيب ، نحن نعلم أنه كغيره من كثير من الرؤساء ليس لهم في الرئاسة إلا ما يحصلون عليه لهم و لأولادهم ، و هم غير قادرين أن يكونوا أردوغان او يلدريم أو فيكتور اوربان فالبون شاسع.
الناس تغرق ببطء و تتعذب و هي تغرق ، و بات الناس يتعاطفون مع اللصوص الذين ينجحون بسرقة بنك أو محطة وقود و يصفقون لهم ، و نخشى أن نستيقظ ذات يوم على عصابات الجريمة المنظمة و مافيا أردنية و أن يختلط الحابل بالنابل و نقع في مستنقع المهانة و المذلة و أن تجد الدولة نفسها في مواجهة أبنائها الجوعى ، بالتأكيد نسمع و نرى كل يوم بلا انقطاع حراكات السلط ، هل لاحظت الدولة أن شريحة المشاركين في الاحتجاجات ليسوا " ولدة " كما كانت تصفهم الدولة أحيانا ، بل هم من عقلاء السلط و كبار السن ، هم من الجوعى و المحتاجين هم من أبناء الأردن اللذين أذلتهم الحكومة برفع الأسعار .
على الدول أن لا تكون مسرورة لأن أعداد المحتجين قليلة فقد تكبر و يتكاثرون بسرعة ، فالصامتون ليسوا راضين عما يحصل و لا قابلين به ، الصامتون يكادون يتميزون من الغيظ و في صدورهم آهات و زفرات لو خرجت لأحرقت الأخضر و اليابس ، و لكنهم ما يزالون يسلون النفس بآمال و أوهام أن تصحوا الدولة من سباتها و أن تبدأ بحل المشاكل بحكمة و رشد قبل أن لا يبقى في القوت متسع ، الناس راشدة عاقلة و الدولة لا مبالية كما يبدو و لا تتعظ رغم أن السعيد من اتعظ بغيره و الشقي من اتعظ بنفسه .
اصحوا و استيقظوا قبل أن تنزل بنا نازلة لا سمح الله ، و المشكلة لا تحل بالصمت و الهروب من الواقع و لا بالتخندق وراء قرارات ستذبح الشعب و على المدى القصير جدا من الوريد الى الوريد و ستجد الدولة نفسها في نهاية المطاف امام عصيان مدني جبري دون أن يتفق الناس عليه لأنهم سيصلون الى لحظة العجز عن سداد فواتير الماء و الكهرباء و شراء الخبز و عندها لا تقولوا أن أحدا لم ينبهكم ن ها نحن ننبهكم كي لا تتهاوى الدولة لا سمح الله.