بعد حمد الله و الثناء على منه و كرمه عطائه، شاهدت كما شاهد الكثير من أبناء هذا البلد الطيب صور أبناء المرحوم الشهيد بإذن الله المقدم سليمان الركيبات و هم يجلسون بجانب جلالة الملك في عزاء والدهم و قد كانوا قبل ذلك يلهون مع أقرانهم في الخارج أو كانوا ممن يقدمون التمر و القهوة لجموع المعزين و اجلسوهم بجانب جلالة الملك على كرسي واحد و هم يرتدون ملابس أفخر ما تكون عندهم ربما كانت ملابس عيد الفطر أو ملابس بداية العام الدراسي.
منذ أن شاهدت هذه الصورة و لم يخطر ببالي إلا صورة والدهم و هيئته يوم انتقاله الرفيق الأعلى سليمان كان يرتدي فوتيك و بسطار و على جنبه مسدس، سليمان ربما كان قد أفطر من فطور عسكره ذلك اليوم لبنه و زعتر و بيضة مسلوقة وشاي مع حليب لونا حسب اعاشة الجيش، سليمان ربما أنه لم يشاهد هؤلاء الأبناء منذ عدة أيام ليس لأنه في مؤتمر أو سفرة خارج البلد بل لأنه مناوب أو مرابط على ثغر من ثغور الوطن و يحمي عائلات من هم في المؤتمرات و السفرات خارج البلاد.
سليمان، تخيلتك و انت تلاهي هؤلاء الأبناء و تحايلهم حتى يصبروا على متطلباتهم من ملابس أو حتى طعام مميز أو رحلة إلى الغور، تحايلهم حتى نزول الراتب إلى البنك و ذلك الراتب المتخن بالقروض و الجمعيات و الالتزامات.
سليمان ربما يتعهد مصروف والديه أو أحد إخوته بالجامعات، سليمان كلما ذهب في إجازة إلى أهله وجد امامه مجموعة من الالتزامات الاجتماعية ينتظره والده او أقاربه كي يذهب لتأديتها لأنه ضابط بالجيش و عليه واجب لأنه وجه من وجوه العشيرة.
أتخيل سليمان و هو عائد من مهمة حفظ السلام مع الأمم المتحدة في هاييتي و يحمل في حقائبه هدايا ساعات لون ذهبي بسعر 3 دولار و بجامات للاولاد و جبّة للوالد و عطر للزوجة و قماشة الحجة .
ربما ان الواقع أصعب من الخيال لكن لا بد من الخيال لكي نعزى انفسنا و نعزي الوطن بفقدان قائد شريف لم أعرفه شخصيا و لكني شاهدته ذات مرة على شاشة التلفاز خلال لقاء على الواجهة الشمالية.
يا عيال سليمان لكم حسن البقاء و حسن العزاء و يا عمو إلبسوا الفخر بأبيكم و اذكروا دائما أنه لو شاء أن يكون بيتكم في أرقى مناطق عمان لكان ذلك و لو أراد ان تكونوا طلاب في المدارس الخاصة في عمان لكان ذلك و لو شاء أن تكون ملابسكم من أرقى الماركات لكان ذلك و لكنه اشترى لكم الفخر و الإباء و الشرف وجعلكم رافعي رؤوسكم بهذا الأردني الشهم والديكم البطل صاحب سُمرة الصحراء التي تعلو جبينه و علامة شفرات الحلاقة على خديه
حفظكم الله يا أبنائي و لكم اتمنى لقايكم و تقبيل جبهاتكم
و الله كنت أكتب و العبرات تخنقني رحمك الله ياسليمان بيك و جعل مثلك الجنة و لكم يا أبنائي حسن العزاء
و رحم الله شهداء الوطن و انا لله و انا اليه راجعون