facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الجرح النازف !


سليمان الطعاني
22-02-2018 01:42 PM

أختلس شيئا من العزلة لنفسي بين الحين والآخر، لترتيب الفوضى بداخلي، فوضى خلاّقة كما يقولون، فوضى صَنَعتْها مشاعر مزيفة مغرورة مغلقة شهوانية، عالجتُها كثيراً بالصمت حيث لم يعد للكلمات قيمة.

لا تتعجب عزيزي القارئ ممن يموتون قهراً وحزنا، فأورام مشاعر الناس المغلقين هذه الأيام نمَت وتكاثرت ولم تستطع جُرعات الفرح عندي علاجها ولم تقوَ لحظات السعادة لدي على استئصالها فبلغتْ ذُروتها! مشاعر مسرطنة ناكرة لكل جميل.

بحثتُ عن مشاعر صادقة بين الناس فلم أجد غير الوجوه الزائفة، والمشاعر الكاذبة، بحثت طويلاً لعلي أجد بصيص أمل أو زهرة صدق في حديقة أكاذيبكم أيها الناس فلم أفلح، لكني زكمتُ برائحة زيفكم ونكرانكم تملأ المكان، الكذب في شرعكم له ألف معنى ومعنى، والغدر في طبعكم عنوان.

الوذُ بالصمت باحثاً عن معنى للوفاء في محلّتكم، فأجد أسوار مدينتكم محصنة بمشاعر الكراهية وأكوام من الجحود والغرور الزائف تتربع في أعماقكم وفي سويداء قلوبكم....

تباريح جريح حولَ مشاعرنا التي كنا نتغنى برهافتها منذ زمن قريب، فأخذت تنحرف عن مسارها الطبيعي لتصل الى حد الغرابة والاستهجان.

قمة جرحي أنني أغمضتُ عينيّ على حلم جميل واستيقظتُ على وهم مؤلم، رأيتُ كلّ الأشياء حولي تتلوث وتتألم بصمت، عَجَزتُ عن التغيير وعَجَزتُ عن الإحساس بشعور جميل من أحدكم، أيها الجاحدون.

الجرح النازف عزيزي القاري: أن تحلم أنك تمثل شطراً عظيماً من خارطة أحلامهم وتدرك فجأة خذلانهم لك! أن تمد يدك لانتشال أحدهم من الغرق فيسحبك لإغراقك معه! أن تشعر بأنك خسرت أشياء كثرة من أجلهم لم يعد عمرك يسمح باسترجاعها! أن تتأمل بشخص شاطرك نفسك لسنين طوال فتكتشف أنه غارق في حبّ الذات ويسبح في أنانية كريهة، ويرغب في تملك كل شيء ومشاغله قد غيبتك عن ذاكرته تماماً.... ما أقسى أن تمر عليك لحظة تتمنى فيها التخلص من ذاكرتك!!

الجرح النازف: أن تكتشف ان العِشْرة قد هاَنتْ وأصبحتْ وهماً والمودّة تمثيلاً والألفة سفاهةً والتجارة خسارةً، وأنك ستضطر يوماً إلى القيام بدور لا يناسبك ستُدفع اليه دفعاً، وأن تضع أحلامك وكل تعب السنين تحت قدميك كي تنكأ جرحك.

الجرح النازف أن تتظاهر بما ليس في داخلك كي تحافظ على بقاء صورتك جميلة أمام الناس! أن تصافح بحرارة يداً تدرك أنها ملوثة! أن تبتسم في وجه إنسان تتمنى أن تبصق في وجهه وتمضي!

على ما يبدو أن سهام حياتنا الماديّة قد أطاحت بقلوبنا فلم يعد للحب فيها مكاناً واغتيلت معها مشاعرنا المرهفة وتقهقرت في أدنى اهتمامات البشر، ومع ذلك نحاول كثيراً ودوماً ترميم ما أحدثته حياتنا الماديّة من شروخ في جدران الصرح، وما نلبث أن ننتهي من ترميم احداها حتى تأتي مشاعر الكذب والغرور والتحكّم والأنانية لتحرق الجدار بأكمله!
أنا هنا لا أحاول البحث عن حلم خذلني، ولا أحاول البحث عن حلم جديد أبداً ولا أرغب في الوقوف على الأطلال، إنما هي تباريح فيها شيء من السياسة وبعض من الفكر ونماذج من البشر وشظايا من الذكريات، قد يراها البعض سياسة خالصة، وقد يعتبرها آخرون أدباً خالصاً وقد لا تُرضي هؤلاء ولا أولئك. وهذا حقهم الذي لا أنازعهم فيه!

وفي هذه التباريح شيء من المرارة، وكثير من الغضب، واحتجاج بمساحة العمر كله وحزن بعمق الجراح الطّرية التي ما زالت تستعصي على الاندمال، أُعلِّقُ فأسَها جميعاً في رقبة الذين اخذتهم العزّة بالإثم ليكون مصيرهم ثبورا.





  • 1 حنان ملكاوي 22-02-2018 | 07:23 PM

    كلام جميل ومعبر عن احاسيس داخل النفس سلمت وسلم قلمك .

  • 2 وسام 22-02-2018 | 09:11 PM

    وصف دقيق دقيق كثير وصدقت بان سهامناالمادية اطاحت بقلوبنا. لغة مذهلة دام قلمك


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :