facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




أين ذهبت الستة مليارات دينار يا دولة عبدالله النسور


د. عادل يعقوب الشمايله
22-02-2018 01:28 PM

أدرج في نهاية المقال جدولا يتضمن إيرادات الحكومة الاردنية ونفقاتها وعجز الموازنة السنوي ومبالغ المنح والمساعدات التي حصلت عليها ومقدار القروض التي اقترضتها خلال فترة تولي دولتكم رئاسة الحكومة. مصادر الارقام هي قوانين الموازنة العامة التي أعدتها حكومتك وأقرتها السلطة التشريعية بناء على طلبك لتصبح قانونا. ولأنني أعلم أنك كنت مديرا لدائرة الموازنة العامة ووزيرا للمالية فإنني اتوقع منك معرفة كل دقائق قانون الموازنة العامة.

في العادة تقابل الحكومة نفقاتها مع إيراداتها عند اعداد الموازنة، فإن وجدت ضرورات وأولويات ملحة للإنفاق لا تقبل التأجيل فإن من المسوح لها أن تبحث عن تمويل. والخيارات المتاحة هي زيادة الضرائب والرسوم والرخص (قبل عرض الموازنة على مجلس النواب)، و/أو الاقتراض من الداخل أو من الخارج. في الاردن يتم تأجيل خيار الاقتراض إلى ما بعد معرفة مبالغ المساعدات والمنح والهبات التي اعتاد الأردن على استلامها من الدول البترولية ومن الدول الأوروبية واليابان والولايات المتحدة الامريكية والتي يعود الفضل الكلي في الحصول عليها لجلالة الملك.

اذا كان هذا المبلغ كافيا لإغلاق فجوة العجز المتوقع يصبح خيار الاقتراض غير وارد وغير مبرر. أما إذا كان جزء من العجز لا زال قائما، فإن من حق الحكومة أن تقترض بما يكفي لسد العجز. هذا تبسيط معقول يفهمه كل الناس لألية ختم الموازنة العامة.

عندما ندقق في الارقام المبينة أعلاه نجد أنك لم تفعل ذلك، وأن حكومتك قد اقترضت ستة مليارات ومائة واربعون مليونا وسبعمائة ألف دينار (أي اقتراض زائد عن عما اقترضته لتسديد العجز). نعم، مليارات الدنانير سنويا دون الحاجة اليها وحملت الدولة التزامات مالية وسياسية وسيادية غير مبررة. واحب ان اذكرك يا دولة عبدالله أن الدستور الاردني يقيد الحكومة في تحصيل الايرادات بقيدين: الأول: أن لا تتجاوز فيما تحصل من المواطنين حاجتها من المال. طبعا الامر ليس متروكا للحكومة وحدها أن تقرر هذا السقف وإنما لمجلس النواب الذي يملك حق شطب بنود من الموازنة وتخفيضها (ليستعيد التوازن الرقمي والاقتصادي والوطني للموازنة). أما القيد الثاني فهو أن تراعي مقدرة المواطنين على الدفع. ومقدرة المواطنين على الدفع تشمل كافة أنواع الضرائب والرسوم والرخص وتكراراتها التي تم اختراعها في عهدك والإتاوات والغرامات، كم تشمل قدرتهم على الدفع المستقبلي وهو سداد الديون. هذا الشرط الدستوري أولى بالمراعاة من لعبة معادلة (نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي) وهي لعبة مكشوفة.

لقد تلقت الحكومة أثناء فترة حكمك منحة خليجية زادت عن خمسة مليارات دولار إضافة الى المساعدات والمنح من المصادر الاخرى التي ذكرت سابقا. وبالرغم من خبرات دولتك العظيمة في مختلف المواقع الحكومية القيادية، وبالرغم من وجود العديد من الوزراء عباقرة علم الاقتصاد حسب تقييمك وتقييم من ينسب لك أو يشير عليك، الذين يخرجون من الباب ويعودون من النافذة، إلا أن حكومتك لم تستطع أن توفر مشاريع مجدية لتمولها من المنحة الخليجية. وصرفت المنحة على تعبيد الطرق ومشاريع ليس لها أهمية ولا أولوية. فقط لمجرد الصرف. لماذا؟ لان الصرف من المنحة الخليجية مقيد ومراقب من الدول المانحة ويجب ان يكون فعليا لا ورقيا. عدة مليارات ضيعت حكومتك مع أن حال التعليم في الأردن بكافة مراحله يتراجع يا من بدأت حياتك العملية معلما. وجامعات الاردن الحكومية تواجه الافلاس والعجز عن دفع الرواتب. واساتذة الجامعات الاردنية الأكفاء يتركون مواقعهم للتدريس في الخليج ليتم استبدالهم بمن يحملون أسماء شهادات، مجرد خريجي برامج دكتوراه واحبانا أدنى من ذلك. وهكذا الأمر حتى انحطت سمعة الجامعات الاردنية مما أدى ببعض السفارات الخليجية لإبلاغ الجامعات الاردنية أنها لن ترسل طلابا من بلدانها للأردن بسبب تردي مستوى التعليم فيها. الجامعات اضطرت لان تسدين من البنوك، رغم أن الشعب يدفع ضرائب مخصصة بالقانون للجامعات تتجاوز الاربعمائة مليون دينار سنويا. ولكنها لا تصلها، لماذا؟ لان حكومتك تحولها لأغراض اخرى، حتى انها لا تسدد لها رسوم المبعوثين والمكرمات. كما تمتنع عن تسدد ديون مستشفيات الجامعات الاردنية عليها مقابل التأمين الصحي. لقد اصبحت المستشفيات الحكومية الاردنية وأهمها مستشفى الجامعة الاردنية اطلالا. معظم اجهزتها متوقفة وقديمة ومتخلفة تكنلوجيا. حتى الصيانة تعجز عنها المستشفيات الجامعية والحكومية. ناهيك عن عدم توفر الادوية والكوادر الطبية. الجامعات الاردنية والمستشفيات الاردنية تصرف على الحكومة وليس العكس.

لقد كلفك جلالة الملك بتشكيل الحكومة وأعطاك ثقته بناء على قبولك بتنفيذ كتاب التكليف الذي أرسله اليك. وحيث أن كل ما ورد في كتاب التكليف الذي قرأ على الاردنيين، طلب منك ومن فريقك الوزاري، بكلام عربي مبين وجميل، حسن ادارة شؤون الدولة وخدمة المواطنين الذين هم شعب الملك. لذلك كان متوقعا منك أن لا تفعل غير ذلك بعد ان أقسمت يمين الإخلاص للملك وللوطن وللشعب الذي يحب الملك ويبادله الملك الحب. لم يرد في كتاب التكليف لك، الطلب بزيادة الضرائب والرسوم والرخص والضرائب على الرسوم والرخص والضرائب. لم يرد في كتاب التكليف الملكي، الطلب منك التسبب في الارتفاع المتواصل للأسعار لدرجة ارهاق المواطنين وتدني مستوى معيشتهم حتى أوصلتهم إلى أعلى درجات التذمر التي تكاد تمس العلاقة المقدسة بينهم وبين جلالة الملك، لأنه لم يحاسبك على تقصيرك وما تسببت به. لم يرد في كتاب التكليف طلب تجميد الاستثمار وتهريب المستثمرين المحليين وتطفيش المستثمرين الاجانب والتسبب في تراجع معدلات نمو الناتج المحلي مما تسبب في زيادة نسبة البطالة وخاصة بين الشباب الى مستويات خطيرة.

لم يطلب منك جلالة الملك وضع استراتيجية لتدمير القطاع الزراعي في الوقت الذي تمتلئ صحارينا بالمياه الجوفية منذ أن خلقها الله ولا ندري لمن تدخرها بدلا من أن تتاح للمستثمرين والمشتغلين في القطاعات الزراعية. لم يطلب منك الملك التمادي في زيادة الضرائب غير المباشرة والتي من المقرر في علم المالية العامة أنها تصيب طبقة الفقراء واصحاب الدخل المحدود أكثر بكثير من الأغنياء. لقد وصلت نسبة الضرائب غير المباشرة الظالمة الى 80% من اجمالي الايرادات المحلية. لم يطلب منك جلالة الملك ان تزيد الاقتراض وحجم المديونية دون مبرر وأن تحمل الحزينة العامة أعباء تسديد فوائد القروض وأصولها . لم يطلب منك الملك أن تتوقف الحكومة عن تحريج مساحات كبيرة من الاراضي الحكومية لتحسين البيئة والسياحة. لم يطلب منك جلالة الملك ان تدخل في لعبة شد الحبل مع شركات الإسكان فيما يتعلق بضريبة نقل الملكية. في الدول المتقدمة تعتبر الحكومة مسؤولة عن توفير السكن الملائم.

الحكومة تتقاضى ما يزيد على ستين في المائة من ثمن الشقة بسبب الضرائب المركبة. ضريبة 10 % على الارض عند التسجيل، رخص ورسوم مختلفة وضرائب مبيعات قبل حفر الاساس، ضرائب ورسوم جمركية ومبيعات تتجاوز الاربعين في المائة على البلاط والحديد والالمنيوم والابواب والزرافيل وادوات الكهرباء والحمامات والمقاولين الخ . ثم لا تتورع الحكومة من تدفيع المشتري المسكين المقترض لثمن الشقة من البنوك، ضريبة على شقة بلعت الحكومة ستين في المائة من قيمتها.

أنا لا أتهمك شخصيا بانك استوليت على مبلغ المليارات الستة. ومبلغ المليار والربع الذي وجدت حكومة الدكتور الملقي أنها صرفت في عهدك خارج الموازنة وكان يفترض أن تصرف بمعرفة مجلس النواب وموافقته من خلال ملحق موازنة. ولكنني أطلب منك كمواطن أن تبين للشعب الاردني بشكل مقنع أين ذهبت. أقول أن تبين للشعب الاردني لأن مجلس النواب لم يستطع أن يسألك هذا السؤال. لم يعد هناك دولة مؤسسات وانما أفراد يتبادلون المواقع، يختطفون الدولة عدة سنوات . وكيف يستطيع مجلس النواب أن يحاسبك وهو من النوعية التي وصفتها على مائدة الدكتور فيصل الرفوع في مطعم الجامعة الاردنية، على شرف رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات في جمهورية الهند، قبل توليك رئاسة الحكومة. لقد سمعتك باذني تقول في كلمة ألقيتها وكنت أنا أحد الحضور المحدود، "إن معظم أعضاء مجلس النواب الذي أنا عضو فيه جاءوا بالتزوير". لم أعرف وقتها ولحد الان من قام بعملية التزوير حسب رأيك. من تتهم؟ الناس عادة تتهم الحكومة بتزوير الانتخابات لضمان تشكيل مجلس نواب من العمي والطرش والخرس حتى لا يحاسبوها. وأود أن أسألك هل مجلس النواب الذي تم انتخابه في عهدك جاء بالنزاهة المطلقة؟ ما رأيك بالتحفظات التي إعتاد جلالته على توجيهها لمجلس النواب عن أدائهم وآخرها في كلية الدراسات الدولية في الجامعة الاردنية.

وأخيرا، أرجو أن يكون جوابك مقنعا وأود ان أذكرك ،حتى يكون ردك مدروسا، أنني بدأت حياتي العملية بعد ان تخرجت الأول على دفعة خريجي الجامعة الأردنية في تخصصي، بدأت باحثا اقتصاديا في القسم الاقتصادي في دائرة الاحصاءات العامة حيث تعد حسابات الدخل القومي، ثم في الجمارك وفي دائرة الموازنة العامة عدة سنوات ومستشارا لوزير المالية حيث كنت من وضع أول مشروع لقانون ضريبة المبيعات وكان قانونا متوازنا قبل ان تخربه تدخلات أصحاب المصالح. .وقبلها كنت من المشاركين بفعالية بوضع نظام الخدمة المدنية لعام 1984 برئاسة المرحوم حكمت الساكت زمن حكومة احمد عبيدات. في ذلك الحين أتيحت لي فرصة حضور جلسات مجلس الوزراء المناقشة النظام، فتعرفت على كفاءات الوزراء وقدراتهم واهتماماتهم. فكانت بمثابة حبة يأس لم أشف منها لحد الان. وكنت كذلك عضوا في لجنة وضع نظام اللوازم العامة للدولة. كما كنت انا من حدث أسلوب إعداد الموازنة العامة واستخدام الحاسوب في العمل حيث تم انشاء انظمة الموازنة على جهازي حاسوب خاصين بي أحضرتهما معي من امريكا وانتدبت من خريجي الحاسوب المجندين في الجيش إجباريا للعمل على الاجهزة ووضع نظام مالي حاسوبي في الوقت الذي كانت وزارة المالية تنفق الملايين للشأن ذاته ولكنها تأخرت عنا كثيرا وقتا ونوعية. كما شاركت بوضع قانون تشجيع الاستثمار عام 1994 واستحدثنا النافذة الاستثمارية في القانون غير أن اجهزة البيروقراطية والمنتفعين من التعقيد شمعوا النافذة بالشمع الاحمر.

كما اتيح لي أن اعمل مساعدا لمدير عام مؤسسة الاتصالات الاردنية للشؤون المالية (شركة اورانج حاليا) وقد استطعت وبكل فخر رغم العوائق والعقول المحنطة أن اعيد تنظيمها وأدرب الموظفين ونعيين الكفاءات حتى أقلتها من عثرتها والفوضى المالية المتوارثة وتحصيل حقوق المشتركين المنهوبة الذين كانت تزور ايصالات القبض التي يدفعونها كما حصلت حقوق الخزينة مما مكن من تبني المشروع الوطني لزيادة خطوط المؤسسة من 180000 الى 900000 خط . وقد تجاوزت الزيادة في إيراداتها السنوية ضعف ما كانت عليه قبل أن أدخلها.. لقد وصلت ايراداتها الى 150 مليونا بعد ان كانت قبل مجيئ اليها 80 مليونا فقط. ولو بقيت المؤسسة حكومية لحين انتهاء المشروع الوطني لقفزت ايراداتها لما يقارب المليار دينار سنويا. استقلت منها قبيل تخصيصها بما يعادل ايراد ثلاث سنوات فقط ناهيك عن ممتلكاتها الضخمة.

واخيرا لعلك تعلم يا دولة عبد الله النسور أنني أحمل شهادة الدكتوراه في علم المالية العامة وتحليل السياسات العامة من جامعة نيويورك التي تحتل المرتبة 14 من بين أفضل جامعات امريكا التي تعد بالآلاف، كما انني استاذ المالية العامة وتحليل السياسات في الجامعة الاردنية من 2009 ولحد الان.















  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :