في كل عام يترقب الأردن مثله مثل بقية الدول مؤشرات التعليم ومرتبته فيها، بعض المؤشرات ومنها تصنيف الجامعات لا تمت للواقع وقوة الجامعات بصلة، وللأسف صار هناك افتتان بمسألة تصنيف الجامعات، لكن من قال أن الجامعة الأمريكية في بيروت اليوم أفضل مما كانت عليه قبل خمس عقود، لقد كان الاساتذة آنذاك أقوى وافضل، والخريجون كذلك، وما ينطيق عليها ينطبق على غيرها.
التنصيف ومؤشرات التعليم ذات صلة بالرأسمالية المتوحشة، واقتصاد المعرفة، وهو أمر صرفنا عليه كثيراً، وكان أيضا أشبه بالموضة التعليمية، وهناك بعض المؤسسات والأفراد حين يرون تراجعاً في موقع الأردن في إحدى المؤشرات أو تراجعا في مرتبة جامعة بعينها في إحدى التصانيف يبدأون بالنقد والتباكي وتوجيه الاتهام بالتقصير، ولعل الاهتمام بجودة التعليم وبناء شخصية الطالب والفاعلية المؤسسية هو أهم بكثير من أي تصنيف.
للتأكيد على أن مؤشرات التعليم لا تقيس ولا تعكس قوة الدولة، يقول (ها جوون تشانج) في كتابه (23 حقيقة يخفونها عنك بخصوص الرأسمالية) ومعلقاً على نتائج اختبارات «التيمس» في الرياضيات عالمياً:» في عام 2007 جاءت نتائج التيمس لطلاب الصف الرابع الأمريكيين في ترتيب متأخر ليس على اطفال البلدان الشرق آسيوية المعروفين بمهاراتهم في الرياضيات، وإنما كذلك على نظرائهم من بلدان مثل كازخستان ولاتفيا وروسيا وليتوانيا. أما الاطفال من كل اقتصاديات الدول الأوروبية الغنية التي شملها الاختبار فيما عدا هولندا وانجلترا فقد أحرزوا نقاطا أقل بكثير من الأمريكيين، و أما تلاميذ الصف الثامن من النرويج (أغنى بلد في العالم من حيث دخل الفرد) فجاءوا بعد نظرائهم ليس فقط من سائر البلدان الغنية الأخرى، وانما أيضا في البلدان الأكثر فقراً، وجاءت نتائج طلبة الصف الثامن في اسرائيل وهي بلد مشهورة في الانفاق على البحث العلمي، ومعروفة بالاداء الاستثنائي في البحث، جاءت النتائج أقل من النرويج، كما تخلفت عن بلغاريا التي هي أقل بكثير في الاهتمام بالبحث العلمي من اسرائيل».انتهى الاقتباس، ص 185).
عربيا، ، بعض الجامعات كانت ترسل ملفات كاذبة وترفعها على شبكة المعلومات العالمية، لتعزز من تنافسها في التصنيف العالمي، وبعضها توقع عقوداً وهمية مع اساتذة لرفع نسبة الاساتذة الاجانب، وبعض المدارس الخاصة تأخذ نتائج اختبارات التيمس وتنشرها وتتبناها لضرب سمعة التعليم العام الحكومي كي يُخرج الناس أبناءهم وينقلونهم إلى مدارس خاصة لا تخضع لأي تقييم.
أخيراً، ارى أنَّ المعركة أردنياً، هي على معلم جيد وطالب ذو شخصية وحصيلة معرفية قوية، وليست على أي شيء آخر، وهذا الأمر قد يتوفر في مدرسة في قريقرا ولا يتوفر في عبدون، والمسألة ليست مناهج وتطوير تربوي بقدر ما هي مسؤولية اخلاقية في التعليم وتوفير فرص تعليمية متساوية للجيمع وظروف ايجابية، والعنوان الكبير هو العدالة.
الدستور