خلجات ما بعد الثقة وأفكار من اجل الوطن
د.طلال طلب الشرفات
21-02-2018 02:07 PM
صادقاً تمنيت ان لا تجتاز الحكومة اختبار الثقة في بيت الشعب المفترض ، وكنت آملاً قبل ذلك ان لا يحسب حجب الثقة سوى للفقراء والأطفال والغارقين في عشق الوطن ، وتمنيت في اسوأ الاحوال أن تصل الحكومة رسالة سياسية من خلال الامتناع او الغياب وأن ثمة وطن اكبر من الحكومة والبرلمان ، ولكني وصلت الى حقيقة مؤداها ان المسافة بين الفهم الرسمي والفهم الشعبي للحالة الوطنية كبيرة ويصعب عليها أن تضيق .
احترمت اصرار الرئيس وشجاعته بعدم طلب التأجيل ، واحترمت اكثر اعادة الرئيس للهدية التي ارسلت له في موقف عبر عن سلوك رجل دولة رصين ، وكم تمنيت انعكاس هذه الروح في صلابة التعامل مع الوزراء ومتابعة مظاهر الخلل هنا وهناك وقراءة المشهد الوطني باحتراف بعيداً عن البيروقراطية والتقليدية في قراءة الأشخاص والأحداث .
والآن وبعد اجتياز اختبار الثقة ينهض بنا الواجب لإسداء النصح في معالجة الأولويات الوطنية، الفساد المحترف المنظم الخفي وسيادة القانون واصلاح التشريعات والمؤسسات الرقابية والاستثمار والعطاءات العامة عناوين رئيسة لما يجب فعله بشكل عاجل وملٌح وتستدعي ارادة سياسية حقيقية من الحكومة للتعاطي مع الشأن العام بصورة اكثر جدية .
في مجال اصلاح التشريعات يبرز قانون الانتخابات اولى التشريعات بالتعديل من خلال تقليل عدد اعضاء مجلس النواب الى ثمانين نائباً او اقل واعادة صياغة قانون الاحزاب بما يضمن بناء حياة سياسية وبرلمانية حقيقية بدلاً من حالة الشلل الفعلي والقاء اللوم هنا او هناك من اجل اصلاح البرلمان ، وقانون الكسب غير المشروع ومراقبة نمو الثروة واستلهام التجربة الماليزية والكندية في هذا الشأن ، ونطام الاشغال الحكومية وتحصين دائرة العطاءات الحكومية ووقف اللجان الخاصة والتحقيق العاجل في اثر الاوامر التغييرية على المال العام والفساد المنظم .
الاستثمار ما زال يدار بمشاعر الأمنيات دون حرفية او سعة افق ، فثمة موظفين مخصصين دون ان يكونوا متخصصين ؛ فاللغة والخبرة والرؤية والمبادرة والتخصص مصطلحات تكاد تكون مفقودة في ادارة الاستثمار ، وقرار الحكومة بالخصخصة الجزئية للجنسية قرار كان بالإمكان استبداله بالإقامة الدائمة لأن التوسع فيه سيؤدي الى مخاطر وطنية لا يمكن ادراك حجمها والآثار المترتبة عليها ، وهو اقتراح سبق ان تبنته شخصيات اقتصادية وازنة بحذر ، وأذكر ان نائب احد الرؤساء السابقين اقترح ذات لقاء في منزلي ان يتم تجنيس 5 الاف مستثمر وبواقع مليون دينار لكل مستثمر مما يوفر خمسة مليارات دينار لتحريك الاقتصاد ولمرة واحدة فقط .
ستستمر الحكومة وسنراقب اداءها ولن نتردد في الثناء عليها ان احسنت ، وسننقد الاداء كلما انحرفت او اساءت او هددت مصالح الوطن العليا او سيادة القانون وحرية الافراد وحقوقهم ، وحمى الله الوطن ...!!