لو أن ما رأيته حدث قبل عشرين عاماً، لقلتُ ربّما كان ذلك من أحداث رواية من روايات الكاتب الروسي «دستويفسكي» وتحديدا «الجريمة والعقاب» او «الأخوة كرامزوف» او غيرهما من الروايات التي تدور حول «جريمة القتل». لكن ان يحدث ذلك في « باص» كوستر على خطّ ( عمّان / صويلح)، كما تفاجأتُ قبل يومين، فهو أمر يدعو للحيرة ولو كأن لي «شَعَر « لوقف من «هول من سمعت ورأيت».
جاء» الكونترول» ليأخذ « الأُجرة». فناوله أحد الرُّكّاب «ديناراً». فنظر اليه « الكونترول» واعاده اليه وصرخ بصوت عالٍ:شو هذا،انت بتضحك عليّ. هذا دينار قديم وممزّع.
ردّ عليه الرّاكب: هو انا جايبه من دار ابوي.
عاد «الكونترول» وهو شاب في العشرينيات من عمره يصرخ وسط دهشة الطالبات المتّجهات الى جامعاتهن وكلّياتهن: انت اكيد بتتخوّث عليّ، مفكّرني اهبل.
وهنا سارعتُ بحكم « المهنة « وسألت الكونترول: مالُه الدينار ؟
قال لي على الفور: انت شو دَخَلك ؟ ووضعني في قَلْب « المعركة».
طبعا، التزمتُ الصمت لأرى باقي القصّة.
وهنا، قام الرّاكب وهدّد» الكونترول»: اسكت والاّ بهشّم وجهك. احترم حالك !
توقعت ان ينسحب "الكونترول" لأن «الباص» كان يسير في رحلته الى «دوّار الداخليّة». وثمّة ركّاب عددهم يزيد على الـ (30) راكبا بين ذكور واناث.
لكننا تفاجأنا به « الكونترول»، يطلب من الرّاكب ان « يقتله»، وقال: باترجّاك تذبحني.ياريت.شرّحني.انا من زمان بدوّر على واحد يضربني. .. ومدّ وجهه كي «يتناوله» الرّاكب» الثائر الذي شعر ان « الكونترول» أحرَجَه بين الناس.
كل هذا والسائق مشغول باجراء مكالمة، مع «ميكانيكي» كما شعرتُ، بسبب التقاطي لمفردات تتعلق ب «الكلَتْش» و» زيت البريك»،بما يوحي ان ثمّة «مشكلة « في الباص الذي نستقلّه.
أخذ « العقلاء» يهدئون «الرّاكب» الغاضب ومددتُ يدي «أطبطب» على «الرّاكب» الذي أحسّ ان «الكونترول» نالَ من «كرامته»، حتى هدأ وهبط عند «نفق مستشفى الجامعة»، لينتهي فصل ويبدأ فصل آخر من « الكونترول» الذي أخذ يُطلق « سهام الشّرَرْ» من عينيه باتجاهي...
فعلاً "الدنيا آخر وقت"!!.
الدستور