على هامش جلسة الثقة بالحكومة .. من الذاكرة
بسام حدادين
20-02-2018 03:16 PM
عندما كان عدد أعضاء مجلس النواب أربعين، أعطى الدستور الحق لعشرة نواب على الأقل (الربع)، لطلب حجب الثقة عن الحكومة.
ارتفع عدد أعضاء مجلس النواب الى ٨٠ ، ١٢٠ ، ١٥٠ ، ١٣٠ وبقى الحق الدستوري للعشرة نواب على حاله دون تغير. في مجلس نواب تغيب عنه التعددية الحزبية والكتل البرلمانية البرامجية الفاعلة، وحيث تقوم العملية البرلمانية على أساس فردي، يغدو إعطاء عشرة نواب من أصل ١٥٠؛ أو ١٣٠ نائبا حق تقديم طلب لحجب الثقة عن الحكومة محفوف بالعبثية ، وردود الفعل الفردية . وعرائض حجب الثقة غير الجادة وما أكثرها تشهد على ذلك.
عام ٢٠١١ عندما تشكلت اللجنة الملكية لتعديل الدستور برئاسة دولة المرحوم احمد اللوزي رحمه الله. تقدمت الى اللجنة باقتراح ثلاثة تعديلات دستورية وهي :
اولا : اعتبار قانونية انعقاد جلسات مجلس النواب والأعيان بحضور أغلبية (النصف زائد واحد ) من الأعضاء بدل حضور الثلثين . لان اشتراط ثلثي الأعضاء ، يعطي الحق لثلث الأعضاء ( الأقلية ) حق الثلث المعطل.
ثانيا : استبدال حق عشرة نواب بطرح الثقة ، بحق ربع أعضاء مجلس النواب ، واستبدال الرقم بنسبة مئوية ، لان عدد النواب متغير وليس ثابت.
ثالثاً : تخفيض سن الترشيح لعضوية مجلس النواب الى ٢٥ سنة بدل ٣٠ سنة أسوة بجميع الدول الديمقراطية في العالم، لإعطاء فرصة للشباب للحضور في البرلمان.
كانت النتيجة الأولية ، قبول المقترح الثالث فقط ( سن الترشيح للنواب ).لم استسلم ، وطلبت اللقاء مع دولة المرحوم احمد اللوزي، الذي استقبلني في منزلة ، وكنت مهتما بإقناعه بسلطة الثلث المعطل وإمكانية شُل وتجميد البرلمان، وقلت له : دولة الرئيس اتحدى ان يتضمن دستور اَي دولة في العالم مثل هذا الحق للمعارضة (الأقلية) (الثلث المعطل).
وبعد سماع ملاحظاتي، قال لي: اليوم عندنا اجتماع للجنة وسأعاود عرض المادة للنقاش مرة اخرى.
وفِي المساء جاءني صوت المرحوم ابا ناصر عبر الهاتف: اخي بسام لقد وافقت اللجنة على اقتراحك. فطرت فرحاً...
وقد خرجت توصيات التعديلات الدستورية من اللجنة، تحمل توصيتي الثلث المعطل وخفض سن المرشح للنيابة.
اما اقتراح اعتماد نسبة الربع ٢٥٪ من أعضاء مجلس النواب لتقديم اقتراح بحجب الثقة، فلم يعتمد من اللجنة الملكية.
فلم استسلم وطلبت لقاء دولة الرئيس معروف البخيت الذي أحيلت على حكومته توصيات اللجنة الملكية، وعرضت في اللقاء وجهة نظري بموضوع النسبة والتناسب بموضوع حجب الثقة.
ومن فوره قام نحو مكتبه واحضر دفتر ملاحظاته وسجل اقتراحي بالخط الأحمر. وفعلا عندما أحيلت اقتراحات التعديل لمجلس النواب جرى تضمين اقتراحي لمجمل المقترحات.
ماذا حصل في مجلس النواب ؟.
تبنت اللجنة القانونية مقترحاتي الثلاثة الواردة من الحكومة ولكن التصويت في المجلس عليها كان مخيباً للآمال ، فقد وافق المجلس بالأغلبية (وليس بالإجماع) على مقترح إلغاء حق الثلث المعطل. ورفض مقترح النسبة والتناسب بموضوع حجب الثقة. ورفض أيضا مقترح تخفيض سن الترشيح لمجلس النواب الى ٢٥ سنة. ولعلكم تذكرون مقولة : (ما ظل في الخم غير ممعوط الذنب).
في الختام أقول : نحن بحاجة الى وجبة جديدة من التعديلات الدستورية، تعيد التوازن للفصل بين السلطات ولتعزيز سلطة البرلمان. وتطوير الملكية البرلمانية الدستورية الاجتماعية.