ملكة الهمة: فارسة الشمال والجنوب
د. رلى الفرا الحروب
18-03-2009 08:56 PM
جائزة عالمية جديدة تضاف إلى رصيد أم الحسين، ومبادرة محلية جديدة تحتل موقعها بين شقيقاتها.
جائزة الشمال والجنوب التي منحت للملكة رانيا العبد الله عمدتها فارسة للحوار بين أتباع الثقافات وأميرة لجسر فجوات التباعد وسوء الفهم والشك بين نصفي الكرة الأرضية، وهي إلى جوار التي سبقتها من موقع يوتيوب بفضل مساهمتها المبتكرة في تغيير الصور النمطية تؤكد اهتمام جلالتها العميق – تماما كما ذكرت في خطابها في لشبونة – بإتاحة الفرص للحوار والتلاقي والفهم والمحبة بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، وإزالة الأسوار العالية من الريبة وسوء الظن.
مبادرة أهل الهمة فكرة أخرى رائدة تقدمها جلالتها لتغيير المفاهيم القديمة السائدة حول مجتمعنا وثقافتنا باعتبارها ثقافة غير معززة ومجتمعا لا يكافئ المبدعين والمخلصين والعاملين.
من هم أهل الهمة؟
أرواح شفافة تتحرك بيننا بخفة لتضيء العتمة وتشعل شمعة، ولا تنتظر الشكر، بل تتوارى سريعا وتحلق في اتجاه آخر لتضيء شمعة أخرى، وتمسح دمعة عن مألوم، وتواري عورة لمحروم، وتقدم حضنا دافئا ليتيم، وكعكة لمسكين وتهدي الضال وتعين المحتاج وتصلح الخلل وتؤمن أنها تغير وتتغير، وتؤمن أن إزاحة الحجر الصغير من درب الحياة صدقة، وأن الأخذ بيد العدو قبل الصديق صدقة، وأن إشراع النوافذ أمام الحب والتسامح صدقة، وأن الإصلاح لا يكون بالأقوال وحدها بل بالأفعال، وأن الأفعال لا تحتاج أقوالا كي نشعر بها ونقدرها.
من هم أهل الهمة؟
هم أولئك الجنود الذين لا يقبلون الخطأ ولا يرضون الهوان، أولئك الأشاوس الذين يرفعون شعار الغد الأجمل، ولا يخشون من دخول أعشاش الدبابير واقتحام خلايا النحل ليحصل من حولهم على العسل، أولئك الحالمون الذين لا يتعبون، والمؤمنون الذين لا يساومون، والثابتون على المبدأ أيا يكن حجم التحديات والإحباطات من حولهم، والمتمسكون بقيم العدالة والحق والجمال حتى وهم يرونها تداس بين الركام.
هل بيننا من يستحق مكانه بين أهل الهمة؟
لنفتح أعيننا ولنر بدلا من أن نكتفي بالنظر......إنهم حولنا وبيننا وأمامنا وخلفنا....إنهم أساتذتنا وأصدقاؤنا وأطباؤنا ومهندسو حياتنا....إنهم نشامى تعطر سيرتهم البوادي والقرى والمدن والمخيمات، وتفيض محبتهم على محيطهم حتى لتشعر بالنور يفيض من وجوههم والحنو يقطر من راحتهم والشفقة تتدفق من جوانحهم......إنهم بيننا....يغيرون حياتنا دون أن نشعر، وينيرون الدرب دون أن نلحظهم، فهل آن لهم أن يخرجوا عن صمتهم لنسمعهم وآن لنا أن نخرج من قوقعتنا لنراهم؟!!
قبل "أهل الهمة" كان الشعار السائد : "لا تعمل كي لا تخطئ، ولا تجتهد كي لا تنحرف عن السوية المعمول بها، ولا تبدع كي لا تستفز من هم فوقك وحولك، ولا تساعد احدا، فلا أحد يستحق المساعدة، ومن تمد له يدك اليوم ينقلب عليك غدا"، ولكن بعد أهل الهمة أضحى الشعار: "اعمل لأنك ستكافأ، هناك من يقدر عملك ، ضحّ ولا تخش أن تذهب تضحيتك سدى، لأن هناك من يحمل لك الجميل ويذكر المعروف، اجتهد ولا ترهب الخطأ فإن أخطأت مرة ستصيب مرات".
قبل أهل الهمة كانت الثقافة العجوز السائدة هي: " اصرخ كي يسمعوك، احتج كي يلتفتوا إليك، اعترض كي تثبت أنك الأذكى والأصلح"، ولكن بعد أهل الهمة باتت الثقافة الشابة التي تشق طريقها بين المغر هي : " اعمل بصمت وغير ما حولك ومن حولك وستجدنا هناك في كل زاوية نفتش عنك لنقول لك شكرا ، لنقول لك أحسنت أيها الفارس النبيل".
ملكتنا المحبوبة.....
شكرا لأنك منا، وشكرا لأنك نموذج لنا، فأهل الهمة وحدهم من يقدرون أهل الهمة، وإن كان هنالك من ترشيح، فإننا نرشحك بكل فخر ومحبة لتكوني ملكة الهمة>
الانباط.