لا شك أن الأفكار الواردة في الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك عبدالله الثاني ما زالت بحاجة لتأملٍ وقراءةٍ وبحثٍ في المضمون وأساليب التطبيق، خاصة وأن سيادة القانون مصطلح رحب والورقة زاخرة بالأفكار.
واليوم، ونحن على أبواب المئوية الأولى للدولة الأردنية، علينا أن ندرك أن الورقة مهمةٌ وقابلة للتطبيق في بنودها، في دولة كبلدنا أصول تطبيق القانون بها راسخة، ومتينة.
وما شاب الإدارة العامة في وطننا من بعض إختلالات هو أمر يمكن تجاوزه، فالمستطلع للوثائق الوطنية يدرك أن الدولة تأسست بالاضافة إلى عناصر الشرعية والمشروعية وبناء الإنسان على مبدأ سيادة القانون والحصافة بالإدارة.
إذ تقول وثيقة في عهد الإمارة أن متصرف لواء عجلون في عقد الثلاثينيات من القرن الماضي أمر قائد الدرك – آنذاك – بإلقاء القبض على رجل خطف إمرأة.
فجاء الرد من قائد الدرك بقوله: " لا أستطيع فعل ذلك إلا في حالتين الأولى إلقاء القبض عليهما متلبسين والثانية بأمر قضائي".
وهذه الحادثة على بساطتها تعبر عن قدر إحترام القانون وسيادته، في دولة كانت في مطلع شبابها، وكانت عديد مؤسساتها تتشكل.
كما أن الحنين في الوجدان الأردني ما زال حاضراً لتطبيق أسس العدالة التي هي فضيلة أصيلة في تشكيل مملكتنا.
وبالعودة إلى الورقة النقاشية التي صدرت عن جلالة الملك، بعد أن رفع البعض شعار الدولة المدنية مقدمينها على القانون، فالورقة أنصفت أيضاً تعريف الدولة المدنية، بهوية عربية وإسلامية وأردنية، أي أنها دعت إلى أن تكون تجربة أردنية خالصة لا مستوردة.
إذ جاء في تعريف الدولة المدنية أنها التي " تحتكم إلى الدستور والقوانين التي تطبقها على الجميع دون محاباة" لافتةً إلى الإرث العربي الإسلامي ودولة الرسول – عليه الصلاة والسلام – في المدينة ومساواتها.
وما بين الوثيقة العتيقة والورقة الملكية بون أكد فيه الأردن في كثير من المراحل أن مواطنيه جاهزون ثقافياً ومؤسساتياً ولكن السلوك لدى البعض سواء من بعض السياسيين أو غيرهم من قوى الشد العكسي بحاجة إلى أن نتجاوزه، والحوار في أفكار الورقة فيه خير كثير.