المرأة الخارقة هي عهد التميمي في لوحات الإيرلنديين
د. عدنان سعد الزعبي
18-02-2018 05:36 PM
من الذي دفع بالفنان الأيرلندي جيم فيترباترك لأن يكتب عن المناضلة الفلسطينية عهد التميمي ويصفها بالمرأة الخارقة , من الذي دفعه لان يواجهة الصور النمطية التي يشكلها الغرب عن العرب والمسلمين كمجتمعات تعشق سفك الدماء والجهل والتخلف , وتصور وعن الكيان الأسرائيلي كدولة متقدمة وديمقراطية وحضارية !.
ومن الذي حرك مشاعر هذا الفنان وهو يدرك أن سخط اللوبي الصهيوني سوف ينهال بلا هوادة عليه . كيف لا وبريطانية , تلك الأمبراطورية العظيمة هي من جاءت بالصهاينة على فلسطين وسلحتهم ومكنتهم من أن يدحروا العرب منذ بداية الثلاثينيات من القرن المنصرم .
ما وراء هذا الفنان لأن يرسم لوحة لعهد التميمي ويسميها المرأة الخارقة ؟هل هي الإنسانية وشعور الفنان بالانسان الساعي نحو التحرر والدفاع عن حاضره ومستقبله ؟ هل هي كرامة الإنسان التي تهان وتحتقر باسم الديمقراطية وقواعد لعبة القانون؟ أم هي, براءت الطفولة التي حركت مشاعر الأبوة للفنان خاصة وهو يرى مظاهر الظلم والبطش والقمع بأسم القانون , أم هي النزعة الأخوية والتشاركية المزروعة بالإنسان تجاه أخية الإنسان بحمايته من العنصرية بتغولها وبطشها ,أم هي رفضا لواقع مصاب بإنفصام بالشخصية يراه الفنان في المجتمعات الغربية , فجانب من الوجه يحمل قيم حقوق الانسان , والمدنية , والحرية وألإعتدال , والإنفتاح والمساواة والعدالة ....الخ وجانب آخر من الوجه يكنز الحقد والظلم والهيمنة والبطش و التغول !
مدنية تحمل السيف وتجتث الرؤس بيد , وفي اليد الأخرى ديمقراطية تصنف العالم لأسياد وعبيد . نعم ما رآه الفنان الإيرلندي الثائر على الذين يتسترون على الجريمة الصهيونية بحق شعب أعزل , وأطفال ابرياء ومواطنين راكعين ساجدين موحدين في مساجدهم وكنائسهم اشعره بعقد الذنب الكبرى التي سترافق البريطانيين الى يوم الدين ؟ .
لم تفجر أحاسيس الفنان الايرلندي وهو يقبع ألاف الكلومترات عن فلسطن من أن يناصر الطفلة عهد التميمي دون خلفية مزقت جدران الصمت ,وحركت شرايين الدم لتخيط لنا لوحة عكست ما يدركة الإنسان العالمي تجاه الإنسان المحروم والمغلوب على أمرة ليس في فلسطين فقط بل في سوريا مثلما كان في العراق , واليمن وليبيا , وغيرها وغيرها , أشلاء واشلاء تتناثر, وابنية مهدمة , وكتب مبعثرة , وصرخات الأطفال كأنات الجريح لا تنقطع ولا تغيب!؟
أدرك جيم فيترباترك ــ وليس هو الوحيد أن ثورة الأسكتلندي وليم ولص الذي قطعت أوصاله وعلقت على جسور لندن بعد رفضه التوسل لمكلك بريطانيا بصرخته المشهورة (الحرية )ــ أدرك أن الخوف من الموت أو العذاب الجسدي , او إغراءات المال والذهب لا يمكن أن تردع الإنسان الشجاع عن إرادته أو كرامة البقاء لديه .
أدرك الفنان الإيرلندي وهو من عايش الثورات الإيرلندية ضد الحكومات و يدرك معنى الحرية والإنسانية , أن ما فعلته هذه الطفلة الصغيرة لم يكن حالة انفعال وحسب أو شعور بالمواجهة فحسب بل ثورة على الظلم والبطش والإستعمار الذي يستبيح الكرامة الإنسانية ويطغى على العدل والمساواة . هي صرخة موجهة لمن يقف ويدافع عن اسرائيل المشؤومة.
المرأة الخارقة هي ذلك العنوان الذي يقول أكثر ما يصف ويعبر بأكثر مما تستطعه الأدبيات، فهي التي تتحدى نواميس الواقع وتتجلى عليها ،هي تلك التي واجهت الموت بالشجاعة ، والسلاح بيدها ، والجبروت الصهيوني المدجج بكبريائها الذي لا يوقفه اعتى الأسلحة .نعم لوحة الفنان جيم فيترباترك الايرلندي . المرأة الخارقة . رد على من يتشدقون بحرية وحقوق الإنسان في مجلس الأمن ولمن يتلذذون على دماءالبشر والأبرياء كمصاصي الدماء . واحد من انفسهم شهد عليهم وقالها بكل صراحة طفلة في عمر الربيع تتنازل عن أحلامها وتقول للعالم ها انا فلسطين وهانا القضية الفلسطينية وها انا العربية سأبقى وأبقى حتى تعود لي حريتي كصرخة ( ولص ) ثائر اسكوتلندا .