قصة جامعة البلقاء التطبيقية، هي قصة جميع المؤسسات الناجحة في بلادنا، المراقب الحيادي خلال الشهور الماضية لما جرى لهذه الجامعة، يصاب بحالة دوار، فجأة يجري توقيف رئيس الجامعة –الذي يعين بإرادة ملكية سامية!-
ويحول هو وعدد من مساعديه إلى السجن، ويساقوا مكبلين بالأصفاد(!) شأنهم شأن أي حرامي أو قاتل أو خارج عن القاون، وفجأة يجري وقفهم عن العمل، وتكف أيديهم عن وظائفهم، ثم يعادوا إلى العمل، بعد أن "يفرج" عنهم بكفالة، ومن ثم تصدر الإرادة الملكية السامية بالتجديد لرئيس الجامعة مدة أربع سنوات (كان مجلس التعليم العالي نسب بتجديد عقد رئيس جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور عمر الريماوي أربع سنوات أخرى، ولغاية 2012) !
مجريات الحدث تقول أن رئيس الجامعة، ونوابه، ومن تم توقيفهم على "ّذمة القضية" أبرياء وأن خللا "فنيا" حصل، جرهم إلى هذا المصير، ثم تم تدارك هذا "الخلل" وأعيدت الأمور إلى نصابها، لكن القضية لم تقفل "رسميا" بعد، وإن كانت دلالة الإرادة الملكية السامية تقول أن الرئيس بريء براءة الذئب من دم يوسف، وإلا لما صدرت هذه الإرادة بالتجديد له، ولما تمت إعادة مساعديه إلى عملهم، وهم الآن يمارسون مهماتهم الوظيفية كما كانوا قبل هذه الزوبعة!
ما جرى مع الدكتور الريماوي، ونائبة الدكتور عبد الله الزعبي، وبقية زملائهم، مثير للاستغراب والاستهجان والدهشة، فقد أصيب المجتمع الإكاديمي خاصة، والرأي العام عامة، بصدمة كبيرة، بعد أن أرسلوا إلى السجن، لجنة التربية في مجلس النواب تحركت لبحث الموضوع، وزير التعليم العالي غاب عن الاجتماع رغم تأكيد رئيس اللجنة النائب علي الضلاعين أنه أكد له حضوره قبل نصف ساعة من موعد الاجتماع، اشتعلت وسائل الاعلام بتحليلات وتساؤلات عن حقيقة ما يجري، الدكتور عمر الريماوي ونائبه لشؤون البحث العلمي الدكتور عبد الله الزعبي، وبقية "المتهمين!" تعرضوا لعملية تشويه سمعة، واغتيال شخصية، ثم ما لبثوا أن عادوا لأعمالهم، لم يقل لنا أحد ماذا جرى، ولم جرى، وكيف جرى!
التقيت بمبادرة من أحد الزملاء بالدكتور عمر والدكتور عبد الله، وعلى مدار ساعات طويلة، روى الرجلان "حقيقة" ما حصل، وأطلعاني على وثائق ودراسات ورويا قصصا ومواقف يشيب لها شعر الرأس، وما كل ما يُسمع يُقال، ولكنهما تحدثا بصراحة، أصابتني بالدوار، والنتيجة الكبرى التي خرجت بها، أن ما حصل كله، بما في ذلك ما قيل عن الدراسة التي شاركا في إعدادها عن مياه حوض الديسي، بحاجة لأن يوضع بقضه وقضيضه أمام صاحب القرار الأول في هذا البلد، كي يستمع منهما لمجريات أخطر قضية تمر بهذا السياق، إن لم يكن في كل السياقات على الإطلاق!
لا أريد أن أخوض في تفاصيل ما سمعت وقرأت ورأيت، فهما أقدر مني على الإيضاح والشرح والتفصيل، في أهم وأغرب قضية تمر بي، منذ عملت في الصحافة قبل نحو ربع قرن، ولا يحلها إلا سيد البلاد، ثم رئيس وزرائه، ولا يمكن أن يحيط أحد بتفاصيلها إلا إذا استمع منهما، فهما يملكان معلومات على جانب خطير من الأهمية، مما يهم الوطن، وصحة المواطن، والجامعة بيت نادر من بيوت العلم والبحث والتقصي، ويجب الحفاظ عليها كمنجز وطني وثروة يتعين علينا أن نحميها برموش العيون، والله من وراء القصد.
hilmias@gmail.com