رؤية في نتائج الثانوية العامة
فيصل تايه
17-02-2018 10:09 PM
انه ليوم مبارك لأبنائنا الطلبة الأعزاء ، نقشوه بالجدِّ والاجتهاد ، وزيّنوه بالفرح والسعادة ، فكان عرساً لهم ولعائلاتهم، واستحقاقاً طيباً لمثابرتهم، فلنبارك لهم من القلب نجاحهم في الدورة الشتوية من امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة بعد حصاد زرع شاق في أول خطواتهم نحو مستقبلهم المشرق ، هذا الامتحان الذي تصرّ وزارة التربية والتعليم أن تجعل منه امتحاناً وطنياً سيادياَ تكافح من اجل الحفاظ على هيبته ، وتسعى من أجل رُقِيِّه وتطويرِه ، ليكونَ ليسَ نهايةَ مرحلة ٍ، أو بوابة للمجهول ، بل ضماناً للمستقبل.
فبعد مخاض مرهق انفض المولد وخرجت النتائج الذي يتكرر مشهدها في كل دورة امتحانيه ، في وقت استنفرت فيه وزارة التربية والتعليم كل إمكاناتها في إدارة الامتحانات والاختبارات لتتخذ القرارات الصائبة في الطريق الصحيح في خطوات جادة سعت من خلالها إلى إتاحة الوقت الكافي للمراجعة والتدقيق في النتائج حتى خرجت بالصورة الميسرة والمؤملة دونما إرباك ، بعد تجاوز كل الظروف التي حملت كل التحديات ، إلا أن ذلك كله زال أمام إصرار وعزيمة الشرفاء من أبناء تكويننا التربوي العتيد ، وفي هذا دعوني أسجل شكري وتقديري للمساعي الحثيثة والمباركة لطواقم المراقبة والمتابعة والتصحيح والفرز والرصد والاستخراج وكل من ساهم في إنجاح هذا العمل الوطني .
إن نتائج هذه الدورة وبما تحقق من انجازات لطلبتنا الأعزاء في مختلف الفروع يوحي بأن العملية التعليمية التعلمية للمرحلة الثانوية في تحسن مستمر ، فنسب النجاح كانت بدرجة منطقيه ، وما تشير إليه النتائج أن نسبه الذين حصلوا على معدلات مرتفعة هي نسبة جيدة ومعقولة ، مع سلامة الإجراءات التي اتخذتها الوزارة وهذا يؤكد أن النجاح والتفوق بات من حظ المجتهدين من الطلبة على اختلاف مستوياتهم العلمية ، لإحساسهم بالمسؤولية وعزمهم وتصميمهم على بلوغ أهدافهم تحقيقا لطموحاتهم ، مع إيقانهمِ الراسخ أن شهادة الدراسة الثانوية العامة هي المفصل في حياتهم والمحدد لمصيرهم ، حيث تأتي في مرحلة حساسة وحرجة من حياتهم التكوينية ..
انني على يقين تام أن نتيجة امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة لا تعكس مستوى أداء الطالب وقدراته فقط ، بل هي مرآة لقدرات وزارة التربية والتعليم والمدارس والمعلمين وتقييم لقرارات المسؤولين عن العملية التعليمية ابتداء من أعلى سلطة تربوية وانتهاء بالمعلم في صفه ، فالحديث عن تقييم جودة التعليم هو حديث عن اقتصاد المستقبل ، وهذا ما يجعل مسألة التعليم اليوم مصيرية ، ولذلك فنحن اليوم بحاجة مستمرة إلى تفحص نتائج الامتحان وتحليلها لتقييم مدارسنا ، لتقييم مناهجنا ، لتقييم أدائنا كمعلمين وتربويين ، كما أننا بحاجة أن يكون هذا التقييم دوري مستمر ، وبداية لإعادة صياغة أهداف التعليم بصورة حضارية حديثة ومتطورة خاصة للفروع المهنية وهذا يعكس مدى أهمية الإجراءات التي تتخذها وزارة التربية والتعليم في مرحلة ما بعد الصف العاشر وصولا الى مخرج نوعي يعرف ماذا يريد بالضبط في مستقبله .
علينا الالتفات إلى منظومة الثانوية العامة الامتحانية بصورتها الحالية ومراجعتها والتحدث عن تعظيم الانجازات والثناء على الجهود الطيبة المباركة التي أعطتها الهيبة والمصداقية والعدل والمساواة وفي نفس الوقت تشخيص الجوانب التي تحتاج الى مراجعة ، وبيان نقاط الضعف ، بحيث يمكن التعاطي معها بجدية ومسؤولية ، خاصة عند التريث في مراجعة عناصرها واليات عملها ، والعقبات التي ما زالت تعترضها ، كما ونريد الحديث عن الاتجاهات السلبية عند بعض من طلبتنا والتي توجههم نحو البحث عن المعيقات والممارسات والأساليب الدراسية الخاطئة ، كما ويجب ان نتحدث عن أسباب تدني نسب تحصيل الكثير من طلبتنا في بعض المواد الدراسية وخاصة في بعض الفروع ، واعادة النظر في آليات قبول الطلبة للتقدم لامتحان الثانوية المنزلي ( الدراسة الخاصة ) وكذلك أسباب إخفاق طلاب بعض المدارس بشكل جماعي ؟ وما هي الأسباب الحقيقية وراء تلك الإخفاقات ، وهذا ما يؤكد ضرورة الحاجة إلى قواعد بنائية تنهض بالعملية التعليمية برمتها إلى ركب الحداثة والتطور وكما ارادها سيد البلاد في الورقة النقاشية السابعة وتحدث عنها معالي وزير التربية بجدية مؤخراً .
من هنا لا بد من دعوة صريحة ، ندعو من خلالها إلى تأكيد إيجاد محطات تقيميه بين المراحل الدراسية المختلفة ومراجعة عامة للمرحلة السابقة والتي قطعنا بها شوطاُ جيداُ ، مع التأكيد على توفير كوادر تعليمية مدربة قادرة على التفاعل مع جميع أركان مجتمع طلاب الثانوية العامة وتحفيزهم ومكافأتهم ، وكذلك تحديد المناهج الدراسية المفاهيمية وبيداغوجيا التعليم ومراجعة أدوات التقييم التقليدية المختلفة وتقصي المناهج الخفية المكتوبة ( مناهج الظل ) التي تعتمدها المراكز الثقافية كبدائل قوية للمناهج الرسمية..
وأخيراً فإنني أدعو معالي وزير التربية والتعليم د. عمر الرزاز إلى تكريم المدارس المتميزة وتحفيز كوادرها ، فتلك خطوة رائدة ولفته كريمة تشجع على المنافسة الشريفة التي تحتاجها مدارسنا تقديراُ للمعلمات والمعلمين المتميزات والمتميزين ، ودعم الإبداع والتميز الإيجابي ، وتقدير العطاء وذلك التزام مؤسسي من الوزارة يستحق الالتفات إليه بجدية .
دعوني أبارك مرة أخرى لطلبتنا الأعزاء الذين فرحوا بالنجاح وأدعو للذين لم يحالفهم الحظ مراجعة حساباتهم مع أنفسهم وتخطي هذه المرحلة بمزيد من العزم والإصرار .