صندوق النقد يبحث عن الشعبية في الأردن
عصام قضماني
17-02-2018 12:23 AM
مواقف وآراء صندوق النقد الدولي مختلطة, فلم نعد نميز بين مواقفه الرسمية
وأراء الأشخاص المسؤولين فيه, بين الشعبية وبين القسوة في توصياته بشأن
الإصلاحات الاقتصادية في الدول التي يتولى تأمين إلتزام سدادها لديون الدول
التي تقوده وتديره.
مرة أخرى يكرر صندوق النقد الدولي أنه لم يوص ولم يؤيد رفع الدعم عن الخبز أو زيادة الضرائب على الأدوية، وانه عارض القرار، وقال أن السياسات والإصلاحات يجب ألا تكون عبئاً على شرائح المجتمع الفقيرة، وألا تتسبب في رفع سعر السلع الأولية الضرورية كالخبز لكنه في مكان أخر يعتبر الإعفاءات
الضريبية عند حد 24 ألف دينار في السنة للأسرة و12 ألف دينار سنويا للفرد إعفاءات سخية وأن يجدر على الحكومة أن تجبر 98 %من المواطنين على دفع ضريبة الدخل..
لا زال هناك من يعتقد أن صندوق النقد الذي أسدى نصيحة بعدم المساس بالخبز سجل بذلك تقدما عاطفيا على الحكومة بحرصه على المواطن أكثر من حرص حكومته عليه لكن الحقيقة هي غير ذلك تماما فالصندوق حريص على خبز اللاجئين ولا يكترث بخبز المواطن الذي يتعين عليه كما يرى أن يدفع ضريبة
دخل عند سقف ألف دولار ويعتبر الإعفاءات الضريبية عند حد 24 ألف دينار في السنة للأسرة و12 ألف دينار سنويا للفرد إعفاء سخيا.
الخلاف بين الحكومة والصندوق في موضوع الخبز حول شمول اللاجئين السوريين بالدعم النقدي المباشر ما سيرفع مخصصات الدعم بمقدار 50 مليون دينار وهو ما رفضته الحكومة باعتبار أن مسؤولية ذلك تقع على المجتمع الدولي والصندوق في المقدمة وليس على الحكومة التي يطالبها الصندوق أن تغطي دعم خبز اللاجئين من خبز الأردنيين!
ينضم الصندوق الى معارضي الإصلاحات الإقتصادية وهو الذي طالما طالب بها وحذر من عدم تنفيذها وأخيرا ها هو يمارس لعبة طرح البدائل ويقول أنه ناقش مع الحكومة عدة بدائل لزيادة الإيرادات من شأنها تحقيق أهداف الميزانية دون إلقاء العبء الأكبر على الأسر منخفضة الدخل، فيمكن زيادة الاعتماد على
إجراءات تستهدف أصحاب الدخول الأعلى وليس الفقراء الذين يشكل الاستهلاك نسبة أكبر من دخلهم!
هذا كلام حق أريد به باطل، ويحتاج الى تفسير من جانب قيادة الصندوق التي باتت لا تميز بين دورها المهني في تقييم الإقتصاديات وأهوائها فمنذ متى تميل الى الشعوب، وتأخذ بالإعتبار أوضاعهم الاقتصادية.
هل يريد الصندوق من هذا الكلام أن يرفع المحتجون شعارات تهتف بحياته في الشارع؟ أذكر قبل أنه قبل سنوات عديدة عقد الصندوق برنامجا لصحفيين إقتصاديين في بيروت كان الكلانم فيه يدور حول سؤال واحد.. لماذا يكره الناس الصندوق؟
الصندوق الباحث عن تبييض صفحته عند الشعوب يتخذ من الإصلاحات الإقتصادية في الأردن منصة لتحقيق وأخيرا يتوقع الصندوق أن يؤدي انخفاض المنح الخليجية للاردن، إلى أثر سلبي على الاستثمار العام في المدى المتوسط، وهو يعرف أن جزء من أسباب إتخاذ هذه الإصلاحات هو تراجع الدعم الخارجي، وكان الأولى به أن يقول بأن هذه الإصلاحات المهمة في تضييق شقة العجز في الموازنة وتحرير السوق من شأنها أن تهيء الفرصة لإستقطاب مزيد من الإستثمارات وهي عنصر جذب للمستثمرين وليس العكس.
بانتظار تحديث التوقعات الاقتصادية الكلية للاردن التي كانت جزءاً من المراجعة الأولى في إطار البرنامج المتفق عليه، هل سنرى في تقرير الصندوق خطابا شعبيا وعاطفيا لم نعهده في السابق.
الراي