الزواج المبكر: مشكلة أم حل؟
حلمي الأسمر
16-02-2018 02:17 AM
قبل فترة، أطلقت الجمعية الأردنية لرعاية الأحداث والأيتام، حملة لكسب التأييد لحقوق المرأة حول مخاطر الزواج المبكر، ضمن مشروع تمكين المرأة في المجتمعات العربية؛ الحملة نظمت بالتعاون مع المركز الأردني للتربية المدنية والوكالة السويدية للتعاون والإنماء (سيدا)، واستهدفت التعريف بمخاطر حمل المراهقات، ورفع الوعي لدى الأهالي حول المخاطر ليست الصحية فقط، بل التنموية باعتبارها قضية إنمائية، للزواج المبكر، وأنا أنقل هنا تحديدا ما ورد في الأخبار الرسمية التي غطت الحملة.
وقد لاحظت إبان الترويج للحملة لافتات وملصقات رفعت في بعض شوارع عمان، تحث على تأخير سن الزواج، وإفساح المجال للفتيات للتعليم قبل الإقدام على الزواج، وركزت الحملة بشكل خاص على صور طالبات المدارس، والنصح بعدم تزويجهن..
هدف الحملة كما يبدو للوهلة الأولى جيد، فالزواج مسؤولية كبرى، وإنشاء أسرة يحتاج لخبرات كبيرة وعميقة، ولكن السؤال الذي كان يلح علي، هو حول مدى صحة الدعوة لتأخير سن الزواج، في مجتمع يعاني أصلا من ظاهرة عنوسة مزدوجة بين رجاله ونسائه، وتأخر قصري لسن الزواج، إن لم يكن أصلا عزوفا بشكل كلي أو كبير عن الزواج!
أنا لا أعتقد أن الزواج المبكر لعنة، بل ربما يكون حلا لكثير من مشكلات التعذيب العاطفي والشقاء الجنسي، والانحراف، في مجتمعات عربية تعاني من مشكلة كبت مزمن، تلقي بظلالها على مجمل النشاط البشري في هذه المجتمعات، وتأخذ أشكالا عدة من التخلف والإعاقة الحضارية!
في الآونة الأخيرة، شنت الكثير من الحملات ضد تخفيض سن الزواج، خاصة بالنسبة للفتيات، تماهيا مع حملات حماية الطفلات من الاستغلال الجنسي، ذات المنشأ الغربي، المفارقة هنا أن الغرب نفسه يتعامل مع مسالة الزواج المبكر من حيث التشريع، على نحو مغاير لما هو شائع لدينا، علما بأن جميع دول الاتحاد الأوروبي وجميع الولايات الأمريكية تقريباً تسمح بالزواج في سن 15 أو 16 بموافقة الأهل أو المحكمة، وفي ولاية نيوهامشير يسمح للفتيات بالزواج في سن 13، بينما تسمح به ولاية مستشوستس في سن 12، أما ولاية كَالِفُورنيا أكثر الولايات الأمريكية سكاناً فلا توجد بها سن أدنى أصلاً بل مطلوب فقط إذن الأهل أو المحكمة للزواج! وبشيء من التفصيل، حسب تقرير لموقع سكاي نيوز عربية ، يتراوح المعدل العالمي للسن القانونية للزواج بين 16-17 عاماً للشبان والفتيات، لكن بعض الدول تتيح الزواج في سن أقل. وأعلنت الحكومة الإسبانية، أنها سترفع السن القانونية للزواج من 14 عامًا إلى 16 عامًا، لتصبح مماثلة لبقية الدول الأوروبية، وبهذا أصبحت إستونيا الدولة الوحيدة في أوروبا التي تشرع زواج البالغين 15 عاماً وتشترط أيضا موافقة الوالدين علما بأن السن القانونية للزواج في الأردن: الإناث 15 عاماً، الذكور 15 عاماً، مع اشتراط موافقة القاضي.
لو كان الغربيون يكترثون بحقوق الإنسان في العالم الثالث حقاً لكنّا رأينا لهم أثراً في القضايا الحقيقية كالاعتقال والتعذيب والتزوير التي كانت ولم يزل يمارسها البعض، لكنهم لا يتباكون إلا على المرأة وحقوق المرأة وقهر المرأة وزِي المرأة، غاضين الطرف عن الجرائم الفعلية فظهرت نواياهم لكل ذي عينين. تماماً كما يتباكون على حقوق أطفالنا المهدرة أمام الكاميرات ثم يسلحون إسرائيل بما تنسفهم به!
الدستور