كلام ساكت .. بين الشعب و الملك
15-02-2018 06:56 PM
كلام ساكت مثل سوداني مليء بالحكمة في بلاغة الضد باللغة العربية ، و يكاد ينطبق تماما على العلاقة بين الشعب و الملك في الأردن ، و رغم كل المحاذير التي قد تنتج عن كتابة هذا المقال إلا أنني سأغامر بالكتابة انطلاقا من نيتي الحسنة و من حرصي الذي قد يكون معروفا و مجربا من قبل الدولة الأردنية على الدولة الأردنية نفسها ، و أنني أكتب و ليس في قلبي ضغينة و لا طمعا و لا شهية لشيء سوى أن أخدم وطني بقول الحقيقة و سيكون هذا أمرا متواضعا جدا مع ما هو مطلوب منا جميعا لبناء الوطن و النهوض به من كبوته التي طالت و نبوته التي صدئت .
الملك يقول و يكرر باستمرار أننا بحاجة إلى أحزاب قوية و فاعلة و قادرة على قيادة الرأي العام و خوض الانتخابات و تشكيل الحكومات النيابية القوية الفاعلة و التي تعمل ضمن برامج سياسية كما هو معلوم و معمول به في أرقى الدول الديمقراطية ، و أن تعمل هذه الأحزاب بعيدا عن أي تأثيرات خارجية و أن تتبوأ مكانة عالية و مهمة لها في الحياة السياسية ، و الشعب ينادي بوجود حريات في تناول كل المواضيع السياسية و وضع استراتيجيات واضحة لقيادة الحياة السياسية في البلد ، و النخب تقول أنها ترغب في السماح لها بتشكيل تيارات سياسية قوية و مستقلة بعيدة عن تدخل أجهزة الدولة و أن يسمح لها بإقامة المهرجانات و الندوات و حلقات التشاور و النقاش السياسي المفتوح .
أي أن الجميع يريدون أحزابا الشعب و الملك و النخب السياسية ، إذن ما الذي يمنع و من الذي يمنع تشكيل هذه الأحزاب و خروج هذه الفكرة إلى حيز الوجود ، هل هناك قوة أقوى من الشعب و النخب و الملك في البلد و من هي و ما الذي يمنعنا من أن نبدأ بتشكيل حزب وطني قوي يوم غد ، لماذا لا نتنادى نحن الذين ندعي حرصنا على الوطن و النظام و الملك و نلتقي لتشكيل حزب وطني قوي يقود الحياة السياسية في الأردن و يفي بالمتطلبات التي يرغب بها الشعب و النخب و الملك ، لماذا لا نكرس نصف الوقت الذي نلعب فيه الورق أو ننهش به بعضنا بعضا لنشكل تيارا سياسيا قويا وطنيا بنفس قومي عربي مخلص ينهض بالأردن و يرسم سياسات و استراتيجيات قصيرة المدى ة بعيدة المدى بعيدا عن المهاترات .
إن الوقت الضائع في شن الهجمات على مواقع التواصل الاجتماعي ضد النظام و الحكومة و لوبيات الفساد و وصول هذه الهجمات إلى شخص الملك و عائلته تفش غل البعض أو المعظم و لكنها لا تبني وطنا و لا تحسن وضعا ، لماذا لا نشكل حزبا ، نتفق فيه على ثوابتنا الوطنية و القومية ، إذا كنا متفقين على النظام السياسي و رأس الدولة و على توجهاتنا الوطنية و القومية فلن نعدم الوسيلة لنتغلب على مشاكلنا الأخرى الصغيرة .
يمكن أن ننجز شيئا ذو أهمية كبرى و فائدة عظيمة كي ننتقل بالوطن إلى مرحلة جديدة بتشكيل حزب سياسي يضم كل أردني يريد أن يكون له دور في بناء وطنه و حتى نصل إلى المرحلة التي يستطيع فيها الشعب تشكيل الحكومة و إلى المرحلة التي لا يكون فيها مجلس النواب للردح بل للتشريع و الرقابة و ليس للقبض و الحصول على المكاسب و الشرهات و السيارات و الإعفاءات بينما الشعب يموت من الجوع و نصل إلى المرحلة التي يكون فيها الملك هو رئيس السلطات الثلاث دون أن يضطر لتحمل أعباء عمل الحكومة و أن يعمل كملك و رئيس وزراء و وزيرا للخارجية و مراقبا على مدير الأمن العام أن لا يظلم سائق حافلة .
أعلم أن كثيرين سيقفزون من أماكنهم و يقولون لي أنت تحلم ، سوف يتم منعنا من قبل المحافظ ، و سوف لن ترخص لنا الداخلية قبل أن تتأكد أنها استنفذت كل محاولات إجهاض تأسيس الحزب و أن جهات ما ستكون قد وضعت لك عشرات المخبرين بين المؤسسين و أن المؤسسين و من حولهم سيتعرضون للمضايقات الناعمة و من ثم الخشنة إذا لم يكونوا قد وافقوا على الأسس التي يجب أن يقوم عليها الحزب و التي من بينها أن لا يكون في أدبيات الحزب كلام عن محاربة الفساد و الفاسدين و لا عن بناء مواقف وطنية من إسرائيل و أن يضمنوا أن لا يكون عدد أعضاء الحزب أكثر من حمولة بكم على رأي سياسي مخضرم سابق.
و لكنني أقول أن الأمر يستحق المحاولة ، محاولة تشكيل حزب من أبناء الأردن من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب تكون له أسس سليمة و قواعد قوية و أن يتم تشكيل كل الأطر الحزبية حسب ما هو معمول به في العالم الديمقراطي و أن تكون للحزب استراتيجيات واضحة و عملية و برنامج عمل سياسي جامع للسياسة و الاقتصاد و حلول مقترحة للمشاكل المستعصية على الحل كالبطالة و الفقر و المديونية و عجز الميزانيات و أمور أخرى كثيرة ، حزب سياسي لا يكون هدفه المناكفة و لا بيع المواقف و لا الحصول على المكاسب الفردية على حساب المصالح العليا للحزب و الوطن.
مرة أخرى الملك يريد ذلك و أنتم تطالبون كلكم بذلك و النخب تطالب به فلماذا لا نبدأ ، و إن فشلنا فسيكون لنا شرف المحاولة و سنفضح من يقف في وجه الفكرة على رؤوس الأشهاد أمام الله و أمام الملك و أمام الشعب ، من كان متفقا مع الفكرة فليقل تم و لنشكل النواة الأولى للمؤسسين للحزب و لنتواصل ، اللهم إني أقوم بواجب و أشهدك على ذلك " و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون " صدق الله العظيم.
adnanrusan@yahoo.com