من ضمن إنجازات الحكومة حسب تقريرها عن عام 2017 إبراز نشاط العمل الميداني للمسؤولين، أي الذهاب إلى الموقع ومعرفة الحقائق والمطالب من الناس مباشرة. بل إن رئيس الحكومة الذي يصرف جزءاً كبيراً من وقته في لقاءات مع ذوي العلاقة، سواء في العاصمة أو المحافظات، طلب من وزرائه أن يخصصوا نصف وقتهم للزيارات الميدانية، ومواجهة المشاكل على الطبيعة، والإطلاع على المزاج العام بدون وسطاء.
يبدو هذا السلوك جيداً لولا أنه قد يتم على حساب قضايا أخرى تتراكم على مكتب الوزير وتحتاج لمن ينظر فيها ويأخذ قراراً بهذا الاتجاه أو ذاك.
تقوم الفرضية على أساس أن الوزراء يعيشون في برج عاجي، ولا يدرون ماذا يحدث في الدوائر التابعة لهم، لكن هذا ليس صحيحاً بالمطلق، فمن حق الوزير أن يطلب تقارير أسبوعية أو شهرية من الدوائر التابعة له، وأن يضمن وصول المعلومات المهمة إليه في الوقت المناسب ودون حاجة للانتظار حتى يأتي موعد زيارة الموقع موضوع البحث، خصوصا وأن لدينا 12 محافظة يحتاج المرور عليها إلى أسبوعين أو أكثر.
من ناحية أخرى فإن ما يجري في اللقاءات الميدانية، بين المسؤولين والمواطنين، قد لا يزيد عن المراسم والمجاملات وقراءة كلمات معدة سلفاً تطلب منافع ومصالح ليست واردة في الموازنة وتحتاج لأموال غير متوفرة يرد عليها المسؤول بأنها مطالب حق، وأنه سوف يدرسها بعناية ويسعى للأخذ بها وتطبيقها بالقدر المتاح، إذا سمحت الإمكانيات بذلك.
من المفهوم أن يبادر المسؤول بالتحرك الفعلي إلى الموقع في حالة حدوث كارثة في منطقة تحتاج لتدخله والمساعدة في علاجها اوالتعامل معها. وفي هذه الحالة يعتبر الوزير نفسه ممثلاً للحكومة بجميع فروعها ويحيط علماً جميع الزملاء ذوي العلاقة بما حدث.
ومن أمثلة الأحداث التي قد تدفع وزيراً للذهاب فوراً إلى موقع ما في إحدى المحافظات، حادث سير جلل يسفر عن ضحايا، حريق في بعض المرافق، اعتداء على الأملاك العامة أو الخاصة، وسيجد في هذه الحالات أن قوى الأمن العام والدرك قد سبقته إلى الموقع وأصبحت جاهزة للتعامل معه.
من الأسباب الأخرى التي قد تدعو وزراء لزيارة المحافظات محاولة الترويج لقرار صعب توشك الحكومة أن تأخذه، وهي بحاجة لتفهم الجمهور ودعمه.
الرأي