نبوءات «الكباريتي» و «أرصاد الحكومة»
ماهر ابو طير
17-03-2009 07:03 AM
يخرج رئيس الوزراء الاسبق يقول ان السوق المالي الاردني خسر عشرين مليار دينار اردني خلال شهور فقط ، وان الوضع الاقتصادي الصعب كمنخفض ، هذه اطلالته الاولى ، غير انه سيتعمق ، خلال الفترة المقبلة.
ويشير الكباريتي الى شركات البورصة التي "شلحت" الناس اموالهم ، ولم تبق لكثيرين دينارا ولا قنطارا ، ولا متر ارض ، داعيا ربه وربنا ، ان تتمكن الحكومة ، من اعادة المال الى المواطنين ، وتصريحات الكباريتي التي جاءت خلال اجتماع للهيئة العامة للمصرف الذي يرأس مجلس ادارته ، تصريحات هامة ، يتوجب التوقف عندها ، لاعتبارات كثيرة ، اهمها هو ان الرجل اقتصادي وسياسي ، وتسلم مواقع هامة في الدولة ، خلال السنوات القليلة الماضية.
كنت اتمنى ان يخبرنا الكباريتي بأي اجراءات مقترحة ، حتى تتمكن الحكومة من مواجهه هذا الموقف ، والكباريتي اشتهر بالجرأة ، وان قلبه قوي ويقول ما يريده ، وقد كان واجبا ، ان يطرح الحلول ، وما هو المنتظر من الحكومة فعله ، خلال هذه الفترة ، قبيل ان يتعمق المنخفض الجوي ، خصوصا ، ان بصيرة الكباريتي الغيبية ، تؤكد اراء خبراء كثيرين ، لكنها في الوقت ذاته لا تقدم الحل ، وكأن "ارصاد الحكومة" لا تعرف المشكلة ، والمؤكد هنا ان الحكومة تعرف حجم الخطر ، لكن الحلول في كثير من الزوايا ، ليست في يدها ، ولو كان الكباريتي نفسه في رئاسة الوزراء لواجه ذات الوضع ، بشكل او اخر.
الوضع الذي نجد حالنا فيه ، هو نتاج تراكمات ، انتجتها الحكومات منذ عام 1989 ، والوضع الذي نحن فيه اليوم ، ليس نتاجا فقط لازمة البورصة العالمية ، فهذه كانت الذروة ، وقد شرح الزميل سلامة الدرعاوي في صحيفة "العرب اليوم" امس ، تفاصيل اضافية ، تؤشر على ان الدين الداخلي ارتفع الى عدة مليارات ، بعد ان كان محصورا ، وان تسديد جزء من ديون الخارج ، قابله ارتفاع في الدين الداخلي ، مشيرا الى رقم مذهل باعتباره مجموع الدين الداخلي والخارجي ، معا ، وهذه بحد ذاتها قصة تستحق الاهتمام والانتباه ، والحذر من تأثيراتها خلال العامين الجاري والمقبل ، وهي حلقة تضاف الى بقية الحلقات ، الحالية ، والمستقبلية التي اشار اليها الكباريتي.
احب لرئيس الوزراء السابق عبدالكريم الكباريتي ، ان يخرج من عزلته الاختيارية ، وان يدلي بدلوه في الشأن العام ، سياسيا ، واقتصاديا ، ولا احب له ان يبدو كبعض الشخصيات الحزبية ، التي تحذر وتنتقد ولا تقدم حلا لاي مشكلة ، اذ لاخطة لديها على الاغلب ، سوى "النق"على الوضع الداخلي وترك الحلول لصاحب الحلول ، وشخصية مثل الكباريتي شغرت موقع رئاسة الوزراء ورئاسة الديوان الملكي الهاشمي ، وكانت شخصية جدلية وحادة الذكاء ايضا ، عليها واجب اليوم ، طرح حلول ، ان لم يكن علنا ، فأمام اصحاب القرار ، في الحد الادنى ، في ظل ظروف لا تحتمل الاستنكاف ، او ارسال رسائل التحليل حول الوضع ، وعدم ابداء الرأي ، حول ما يجري بشأن الاقتصاد الاردني.
يأتي من يقول ان كلام رئيس الوزراء الاسبق ، يحمل قدرا من التشفي بالحكومة الحالية ، لانه يقول .."ان شاء الله تتمكن الحكومة الحالية من رد فلوس الناس" في اشارته الى ضحايا شركات البورصة ، والواقع انه لا يمكن استنتاج هذا من مجرد النص اللغوي ، فلا بد من استنتاج هذا خلال الحضور لمعرفة تفاصيل وجه الكباريتي حين نطق بهذا النص ، ولمعرفة الدلالات ما خلف اللغة ، وايا كان قصده ، فمن حق الرجل ان يقول رأيه في الشأن العام ، ومن حقنا عليه ان نسأله عن حلوله ومقترحاته ، لمنع التداعيات السلبية على الاقتصاد الوطني.
بين نبوءات الكباريتي وارصاد حكومة الذهبي ، يتفرج المواطن الاردني ، وكل همه ، هو حياة كريمة ، فقط.
m.tair@addustour.com.jo