إسرائيل وإيران واللعب في سوريا
ماهر ابو طير
13-02-2018 01:03 AM
الاشتباكات الاسرائيلية مع القوات السورية والايرانية، في سوريا، لن تؤدي الى حرب؛ لان المؤكد ان السوريين والايرانيين وحزب الله، من جهة، واسرائيل من جهة اخرى لايريدون حربا اقليمية، ولكل طرف اسبابه التي تخصه في هذا الصدد.
اسقاط طائرات اسرائيلية واصابة بعضها، من جهة، وقصف اهداف سورية وايرانية من جهة اخرى، يؤشر على تغير في المواجهة، لكن لن يؤدي هذا الامر الى انفلات كامل في الحسابات، والواضح انها مجرد مواجهات جزئية، في هذا التوقيت حصرا.
الاسرائيليون وعلى مدى السنوات القليلة الماضية كانوا يوجهون ضربات لمواقع سورية، وايرانية، ولقوافل تنقل سلاحا لحزب الله، ولم يقم اي طرف من هذه الاطراف بالرد، بشكل واسع، والسبب في ذلك بسيط، ويتعلق بعدم وجود قرار سياسي حتى الان بتوسعة الرد، اضافة الى انشغال المعسكر الايراني-السوري- حزب الله بحساباته داخل سوريا ولبنان وحتى العراق، وبحيث لايريد من جهة ثانية ان تتمدد المواجهة دوليا، في ظل الملف النووي الايراني، والتغيرات المحتملة بحقه، والتواجد الايراني عبر الحوثيين ايضا في اليمن، ولهذا يفضل هذا المعسكر تطبيق وصفته المعتادة، اي ضبط النفس، وعدم التوسع في ردود الفعل، اضافة الى الفروقات العسكرية والتكنولوجية بين الجهتين، التي تجعل المواجهة ليست مأمونة الجانب تماما.
اسرائيل من جهتها غير مضطرة للذهاب الى حرب حاليا، مادامت تحقق اهدافها العسكرية، يوميا، وبشكل تدريجي، ودون ان تخوض حربا مع احد، وعلينا ان نلاحظ ان اسرائيل لم تقصف اهدافا ايرانية بهذه الطريقة، لولا طائرات المراقبة الايرانية التي اخترقت اجواء فلسطين المحتلة، اضافة الى توترها الشديد من اسقاط طائرة واصابة اخرى، بما سيجعلها مرحليا تفتح عيونها جيدا على التغيرات في المنظومة الصاروخية الموجودة في سوريا، فيما يبقى ملف حزب الله هو الاكثر اثارة داخل تل ابيب.
حزب الله هنا وحصرا، قد تكون معركته مؤجلة، لاعتبارات لبنانية اولا، ولان الحزب ومن ناحية تحليلية لايريد ان يجر لبنان الى حرب، نيابة عن المعسكر الايراني-السوري، لكن كما اشرت هذه معركة مؤجلة، في ظل القوة العسكرية المتزايدة التي يتسم بها حزب الله، ولربما الرأي القائل ان اسرائيل تفضل فصل حلقات المعسكر عن بعضها البعض، في المعالجة الامنية والعسكرية، رأي دقيق، وبهذا المعنى نرى كيفية ترك جبهة لبنان آمنة، وتركيز الاحتلال فقط، على سوريا والتواجد الايراني العسكري فيها، لاعتبارات كثيرة.
الايرانيون يتواجدون في سوريا منذ اليوم الاول، لكن تل ابيب، قد لاتكون معترضة على اشتعال الفوضى في سوريا، ودخول الف طرف عليها، مالم يمس مصالح الاحتلال، وهذا يفسر ان التصعيد لم يحدث الا في ظروف محددة، اي اختراق الطائرات الايرانية لاجواء فلسطين المحتلة.
من ناحية محددة، يبدو واضحا ان منسوب التدخل الاسرائيلي في سوريا، ارتفع الى حد اكبر مقارنة بفترات سابقة، وهذا يعني ان حسابات اسرائيل الاجمالية، تؤشر على ان المخطط الاسرائيلي بتدمير سوريا، لم ينجح تماما، وهذا يفسر اضطرار اسرائيل لرفع وتيرة التدخل، وهي وتيرة مؤهلة للازدياد، دون ان تكون الغاية حربا اقليمية، في المنطقة، خلال الفترة المقبلة.
الرد السوري، على اهميته ضد الاسرائيليين، الا انه يبدو غير مكتمل من ناحية عسكرية، فهي ايضا ليست مجرد دفعة تحت الحساب من السوريين والايرانيين، ضد اسرائيل، خصوصا، ان الاحتلال عاد وقصف مواقع سورية وايرانية، دون ان يتعرض لخسائر، بعد اسقاط الطائرة الاولى، وهذا يعني ان القدرة على ردع اسرائيل مازالت محدودة على صعيد الجبهة السورية، وهي مجمدة او مؤجلة على صعيد جبهة حزب الله في لبنان.
اسرائيل وبشكل علني باتت لاعبا في الفوضى السورية، وهي اساسا، لم تكن غائبة، لكن يمكن القول ان التصعيد الحالي، يبقى مختلفا، فيما احتمال الحرب الاقليمية، سؤال معلق، ومرتبط حصرا بجبهة حزب الله، والرد على ايران، عبر بوابات لبنان، يبقى واردا، لكن ليس الآن.
الدستور