حابس العبادي وصكوك عليان في ذكرى رحيله
د.مهند مبيضين
13-02-2018 01:04 AM
قبل عام، وفي الثاني من شباط 2017 توفي النجم حابس العبادي عن عمر الثالثة والسبعين، وهو الذي عرفه الأردنيون في المسلسلات والأعمال الدرامية البدوية والريفية، كشخصية مثيرة، تجسد أداور الشر والحسد والمؤامرات والفتن والغدر، والتي أرخت لحياة الريف والبداوة، وجسدها الراحل العبادي في مسلسلات مثل جلوة راكان وراس غليص ووجه الزمان ووضحا وابن عجلان وغيرها.
في جلوة راكان تآمر العبادي مع داود جلاجل بأن ألقيّا صاحبهما الشيخ راكان في البئر، بعد ان أوهماه أنهما سيمسكان الحبل به حتى ياتيهما بالماء من البئر، فما أن نزل وأدركا أنه يستحيل صعوده، حتى قطع حابس الحبل ورماه بالبئر واطلق حابس العنان لخياله لكي يتولى مشيخة العشيرة عوضا عن روحي الصفدي في دور راكان، والذي انهى المسلسل بقتله لحابس بدور زعل.
تفوق حابس العبادي، كان في المواقف التي جمعته مع زهير النوباني الذي مثّل أدوارا شريرة باحتراف، وهو الذي شارك معه بطولة مسلسل وجه الزمان والذي دارت أحداثه بين عامي 1941-1948 في الأردن وفلسطين وكتبه المبدع طاهر العدوان واخرجه باقتدار سعود الفياض الخليفات.
وفي وجه الزمان، أدّى حابس العبادي دور الشيخ اسعيّد، وواجه اسعيد انقسام العرب ورحيلهم جراء عدم الثقة به، ومع أنه حاول البقاء وجيهاً محترماً، إلا أن ممارسته دور الوكيل للمرابي القادم من السلط والتاجر فيها، وهو زهير النوباني بدور عليان، جعله مكروهاً ومسؤولاً عن الواقع السيء للفلاحين، ومسؤولاً عن بث الفتنة والفرقة بين القبيلة، وكان أهل القرية يحسدون حابس على زوجته آمنة التي أدّت دورها الفنانة رفعت النجار، لأنها أخيّر منه، وفي المسلسل لعب محمود القواسمي دور عودة وهو الشايب والخال وصاحب الرأي الراجح.
وفي الحلقة الأولى يبدأ المسلسل بوصول زهير النوباني بدور عليان والذي يأتي للشيخ اسعيد، طالباً الديون المترتبة على العرب، والمقيدة في دفاتر عليان والتي باتت وجه نحس على الناس وذكروها «بصكوك عليان».
وفي وجه الزمان تجلى الشر الممزوج بالخبث والدهاء عند عليان واسعيد، وكانت المشاهد تؤرخ لحياة الفلاحين الذين جعموا بين نمط الانتاج الفلاحي والرعوي معاً، في مواجهة الديّان، وهو عليان أو زهير النوباني، وكانت العملة المتداولة الجنيه الفلسطيني آنذاك، لكن المسسلسل كان تاريخاً حقيقا لتحولات الناس، وفي الحلقة الثالثة عشرة من المسلسل تظهر عقدة المسلسل حين يقرر محمود القواسمي دعم أحد ابناء القرية لانشاء دكان للتخلص من ديون عليان وهيمنته، التي كانت مهددة بسنوات الغلال للتخلص من عليان، وهو ما كان يخشاه اسعيد وعليان، لكن عليان كان قد تحسب لتلك السنوات ومحاولات الاستقلال من هيمنته، باغراق الفلاحين بالورق وبيع الأرض ورهنها إليه.
هذا التاريخ الذي جسدته أداور حابس العبادي وزهير النوباني، هو تمثيل للتاريخ الشفهي في الحياة الأردنية، لكن الأداور التي أدّاها حابس العبادي في فلم رباح وغيره من الأعمال ظلت محل تندر وتذكر عند الناس، وما زالت حاضرة، وحابس العبادي الذي أدّى أعمالاً فريدة دون ان يدخل أكاديميات الفنون والجامعات، كان انتاجاً وطنياً أردنياً صرفاً، عاش حياة الناس وعرفها وابدع بانتمائه لها، ونقل مشاهد من واقعهم، فكان شخصية واقعية من حياتهم اليومية في الريف والبداوة. وإلى جانب حابس وزهير هناك الفنان شايش النعيمي ومحمود القواسمي وجوليت عواد وغيرهم ممن لا يمكن حصرهم وأدّوا في مسلسل وجه الزمان أدواراً رائعة.
الدستور