حلول غير عادية لمرحلة استثنائية
المحامي عبد اللطيف العواملة
12-02-2018 09:10 AM
لا شك اننا نعبر مرحلة استثنائية من تاريخ وطننا الغالي حيث تكالبت علينا المواجع العالمية والاقليمية وتدنت مواردنا المالية الداخلية والخارجية مما اجبرنا على اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة خلقت تشوهات مالية أربكت فئات اساسية في المجتمع وادخلت التشاؤم الى قلوب كثير من الناس يعبرون عنه بطرقهم المختلفة.
بداية لا بد من القول بأننا لا نشكك في نوايا الحكومة و جهودها المخلصة النقية فهي كسابقاتها تعاني من تراكمات قرارات قديمة كان لها تداعياتها الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية. فنحن منذ عقود ندور في حلقة مفرغة من رفع الاسعار والدعم المباشر وغير المباشر وكذلك ايضا الحلول المجتزأة غير الكاملة.
التحديات حقيقية و شاملة و جذرية فلا بد ان تكون الحلول على هذا المستوى. لنعترف بأن الاجراءات والقرارات الاقتصادية المتراكمة لغاية الان غير متسقة مع الواقع الاجتماعي والسياسي، والاسطوانة هي ذاتها (مع حسن النية). فلو راجعنا تصريحات رؤساء الحكومات والوزراء في هذه الحكومة وسابقاتها لوجدناها كالنسخ الكربونية تدور حول من اين سنأتي لكم بالمال ونحن دولة محدودة الموارد؟ المحدود الحقيقي هو التفكير القاصر في عدم وجود رؤية متكاملة مبدعة في التعامل مع التحديات. وعلى من ليس لدية القدرة على ذلك ان يترك الساحة لغيره فالحلول الوقتية والمعلبة لا تأتي بالنتائج الناجحة.
اذا كان ما يقوله المسؤولون صحيحا و بأننا نمر بمرحلة استثنائية فلماذا نعالجها بحلول عادية غير مبتكرة؟ حلول غير شاملة بل مجتزأة؟ اين الابتكار واين الحزم المتكاملة من الخطط السياسية والاجتماعية والاقتصادية؟ اين هي الخطة الكاملة لإعادة هيكلة القطاع العام وايقاف الهدر فيه؟ ما هي الاجراءات المطلوب اتخاذها لتخفيض اعداد الوزراء والنواب والاعيان وضبط نفقاتهم الحالية و "التقاعدية"؟ هل يدعم البرلمان قاطرة التنمية ام يشدها الى الوراء ويزيد في الانفاق غير المسؤول؟ كيف تتم عملية تقييم حقيقية للمؤسسات المستقلة والشركات الحكومية ورواتبها ومصاريفها؟ هل الحكومة قادرة على التعامل مع الفساد بشكل جذري ومواجهة اوجهه المختلفة والذي تحميه للأسف بعض الممارسات العشائرية كما رأينا مؤخرا؟ هل نحن جادون في تحقيق العدالة الضريبية التي تحقق الامن المجتمعي؟ سيقبل المواطن العادي اسعارا اعلى ودعما اقل إذا رأى ان هناك استراتيجيات شاملة ومتكاملة لوقف الهدر وتشجيع الانتاج الحقيقي.
ما نواجهه اليوم هو ظروف استثنائية والمعروض هو اجراءات عادية تخلو من الابداع الحقيقي. هنا تكمن المشكلة. بداية الحل هي بالاعتراف بالمشاكل متكاملة ومعالجتها كملف شامل عابر للحكومات والبرلمانات و الظروف الاقليمية و الدولية المتقلبة. الحل ليس سهلاً و لكن لا يجوز تجزئته و لا يمكن ترحيله. حلول عادية لمرحلة استثنائية لن تؤدي الغرض.
جلالة الملك عبد الله – اطال الله في عمره – يلامس بشكل مباشر هذه التحديات و يتحدث عنها في كافة المنتديات. جلالته يقود بنفسه عملية التغيير ويعلم بأن العقبات كبيرة و لكنه يؤمن بأن الاردن قادر دوما على مجابهة المحن و الخروج منها اقوى و اكبر. سلمت يمناك يا سليل الاشراف، فالكل معك.